اعتذار واجب من مسلم

أود أن أعبر عن بالغ أسفي وعميق اعتذاري باعتباري مصريا مسلما لاسر المواطنين الاقباط السبعة ولاشقائهم الجرحي من مدينة نجع حمادي‏,‏ الذين سقطوا ضحايا الهجوم الغادر والجبان الذي قام به نفر من المسلمين أعماهم الجهل والتعصب والحماقة‏.
فأطلقوا رصاصاتهم العشوائية علي عشرات المواطنين المصريين الاقباط‏,‏ حين خروجهم من قداس كنيستهم ليلة عيد الميلاد في حادث مأساوي يندي له جبين مصر المحروسة‏,‏ ويستوجب من كل مثقف وطني مسلم ان يقدم اعتذاره لاشقائه الاقربين من الاقباط‏,‏ لعله يخفف عنهم بعض الألم الممض الذي يعانونه من جراء جريمة نكراء‏,‏ يصعب تبريرها مهما تكن الاسباب‏,‏ استهدفت ترويع جمع من اقباط مصر في مناسبة دينية جليلة‏,‏ لم يكونوا طرفا في اية مشكلة او شركاء في اي حادث‏!‏
واظن ان الرد العملي علي هذه الروح الشقية التي تسكن قلة من المتعصبين هنا وهناك‏,‏ تنشر روح الكراهية والبغض وتسمم علاقات الاخوة الوطنية‏,‏ ينبغي ان يكون واضحا في سلوك اغلبية الاقباط والمسلمين الذين يتحتم عليهم ان يردوا الإساءة بالإحسان‏,‏ ويتواصلوا مع بعضهم البعض ردا علي الغدر‏,‏ يتصافحون ويتوادون‏,‏ ويعتذرون لبعضهم البعض عن هذه الجهالات‏,‏ وينشرون بينهم ثقافة التسامح والمحبة‏,‏ ويختارون لذلك يوما مناسبا يجعلونه عيدا لمحبة الوطن يؤكدون فيه حبهم لوطنهم المشترك وتصميمهم علي حمايته من الفتنة‏.‏
اعرف ان المشكلة صارت ابعد عمقا وانها تحتاج الي رؤية متكاملة وخطة واضحة تطبق علي نحو جاد حقوق المواطنة‏,‏ تلغي كل ما تبقي من صور التمييز‏,‏ وتمكن الاقباط من ان يكونوا عمداء للكليات ومديرين للجامعات وفقا لمعايير الكفاءة وبينهم اكفاء كثيرون‏,‏ وتقنن اجراءات متماثلة لبناء دور العبادة‏,‏ المسجد والكنيسة‏,‏ وفق الاحتياجات الحقيقية ترعي مشاعر الاكثرية ولا تجرح كبرياء الاقلية وتمكن القانون من محاكمة عاجلة للمتهمين في جرائم تحريض طائفي‏,‏ لكن ما من شك في ان التواصل الطيب والتودد مع الآخر علي مستوي الحي والشارع ومكان العمل والنادي‏,‏ ردا علي هذه الجهالات يحمي نسيج الوطن الواحد من ان يبلي او يضعف من جراء هذه الممارسات التي تتزايد‏,‏ واظن انه أن الاوان لكي تؤكد نخبة من علماء الدين المسلمين في مصر رفضها لاية تفسيرات دينية متعصبة تنكر علي الاقباط ايمانهم بإله واحد تصحيحا لافكار العوام الذين تحكم مشاعرهم الجهالة والخرافة ويكونون في الاغلب اداة شر في يد الجهل والتعصب‏..‏

الاهرام الأحد 24 من محرم 1431 هــ 10 يناير 2010 السنة 135 العدد 44960