د‏.‏ البرادعي وجماعة الإخوان‏!‏

أدهشني في تصريحات الدكتور محمد البرادعي إلي مجلة باري ماتش الفرنسية ـ مع كل احترامي لشخصه ومكانته وقيمته العلمية ـ أن يعلن أنه تمكن من إقناع جماعة الإخوان المسلمين.
بالعمل المشترك من أجل العدالة الاجتماعية والديمقراطية والدولة العلمانية‏,‏ عندما قال لهم‏:‏ يمكن أن تمارسوا دينكم بالطريقة التي تريدونها وتلبسوا ما تريدون إرتداءه من نقاب أو حجاب‏,‏ لكن مصر ينبغي أن تكون دولة علمانية‏.‏
ولست أريد أن أشكك فيما قاله البرادعي لأعضاء الجماعة‏,‏ وحاشا لله أن يكون ذلك قصدي‏,‏ لأن د‏.‏ البرادعي من أنصار الدولة العلمانية بالفعل‏,‏ يفصل ما بين الدين والدولة ويعطي ما لقيصر لقيصر وما لله لله ويعتبر الدين علاقة خاصة بين الإنسان وربه‏,‏ وقد عبر عن هذه الآراء في كثير من تصريحاته وأحاديثه‏,‏ ولكن ما يثير دهشتي بالفعل أن يعلن الدكتور البرادعي بعبارات مباشرة لا لبس فيها أنه أقنع من حاورهم من أعضاء الجماعة بضرورة العمل المشترك من أجل الدولة العلمانية‏,‏ لأن جماعة الإخوان لاتكره ولا تعادي أحدا مثلما تكره العلماني الذي تعتبره أخطر من الكافر برغم أن العلماني ربما يكون شديد الإيمان بالله يعتبر الدين علاقة خاصة بينه وبين ربه‏,‏ وهم علي استعداد لأن يتسامحوا مع الملحد والشيوعي والناصري وأي صاحب ملة إلا أن يكون علمانيا يفصل بين الدين والدولة‏,‏ لأن دعوة العلمانية هي نقيض رؤيتهم السياسية التي تعتبر الاسلام دينا ودولة‏,‏ سيفا ومصحفا‏,‏ دعوة وخطة لتبرر المشروعية الدينية لطلبها السلطة‏.‏
لقد كنت أتمني لو أن الدكتور البرادعي وثق حواره مع الجماعة في وثيقة يمكن أن نعود لنصوصها تأكيدا علي مرجعيتها‏,‏ لأن قبول جماعة الإخوان للدولة العلمانية يعني أنها انسلخت عن جلدها وعقيدتها وأصبحت جماعة أخري‏,‏ ولانني لا استطيع أن أشكك في صدق ما قاله الدكتور البرادعي فليس أمامنا إلا أن نتصور أن محاوريه من جماعة الإخوان خدعوه‏,‏ في إطار موقف تكتيكي غير معلن‏,‏ كي يكسبوا وده‏,‏ أو أن د‏.‏ البرادعي توسع في تأويل موقفهم إلي حد يناقض جوهر مباديء الجماعة ويهدم الركن الأساسي في فكرها العقائدي‏,‏ وكلا التفسيرين يحدثان ضررا بالغا بشخص الدكتور البرادعي الذي باع لمجلة باري ماتشحقيقة لاتستند إلي أي أساس وسارع بإعلان انتصار وهمي‏,‏ أخشي أن أقول أنه مجرد أضغاث أحلام‏.‏


الاهرام الثلاثاء 27 من جمادى الاولى 1431 هــ 11 مايو 2010 السنة 134 العدد 45081