القانون والدين
صفحة 1 من اصل 1
القانون والدين
الحكم الذي صدر عن المحكمة الإدارية العليا لمصلحة المدعي هاني وصفي بعد أن رفضت المحكمة طعن البابا شنودة علي الحكم الابتدائي الذي اختصمه المدعي, والذي يسمح له بالزواج مرة ثانية.
علي غير إرادة الكنيسة التي رفضت التصريح له بالزواج بعد طلاقه من زوجته الأولي الفنانة هالة صدقي, يطرح بالضرورة عددا مع الاسئلة المهمة, أخطرها ما يتعلق بالعلاقة بين القانون والدين, وأيهما ينبغي أن يوافق نفسه من الآخر, القانون الوضعي الذي يصنعه البشر, ويصطلحون علي احترامه لتنظيم, وتيسير شئون حياتهم, أم الشريعة التي هي جزء من اللاهوت تمثل أوامر ونواهي إلهية, تنظمها تعاليم دينية تسري علي جميع أبناء الكنيسة؟!
لقد استندت المحكمة في حيثيات قرارها السماح للمدعي بالزواج مرة ثانية إلي أن حق تكوين الأسرة حق دستوري يعلو فوق كل الاعتبارات, وأنها إذ تحترم المشاعر الدينية تحكم وفقا لما يقرره القانون, لأن القاضي لا مفر أمامه سوي تنفيذ حكم القانون, علي حين تتجاوز بعض أحكام القضاة أحكام القانون لتحكم بقوة النص الديني, ولكنها أحكام قليلة, غالبا ما يتم الاعتراض عليها في الاستئناف.
وما يزيد من صعوبة الموقف أن الحكم الذي صدر عن الإدارية العليا حكم نهائي لا يقبل الطعن بما يعني حتمية الصدام بين حكم المحكمة الذي تراه الكنيسة خروجا علي الشريعة المسيحية التي تنظم خصوصية الزواج المسيحي, ولا يملك الإنسان سوي طاعتها باعتبارها جزءا من اللاهوت, لأن طاعة الله تسبق طاعة ولي الأمر, وتسبق طاعة القانون, وكلتاهما من أعمال الناسوت, ولأنه مهما علت إرادة الإنسان واستقامت أحكام القانون فإن هناك ثمة مرجعية دينية أخيرة لا ينبغي تجاوزها إذا كانت جزءا من صلب اللاهوت.
وإذا كان صحيحا أن كل الشرائع تحوي أحكاما وأصولا هي من الثوابت التي لا يجوز التحلل منها, كما تحوي فروعا تدخل في نطاق المتغيرات التي يمكن أن تقبل التطوير والتأويل استجابة لمتطلبات الحياة ورحمة بالعباد, فإن الصحيح أيضا أن تأويل النص الديني بهدف التيسير علي العباد هو مهمة رجال الدين المستنيرين, لأن الدين أي دين, يسر لا عسر, ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه, وإذا كانت هناك أحكام قاطعة تمنع طلاق المسيحي وزواجه مرة ثانية, فلابد أن هناك ظروفا مخففة تفرضها الضرورات, والأمر في النهاية موكول للكنيسة التي ترعي خصوصية الزواج المسيحي, وتحافظ علي أحكامه... وأظن أن الأمر جدير بأن يكون موضع نظر المحكمة الدستورية العليا تصحيحا للعلاقة بين الدين والقانون.
الاهرام
علي غير إرادة الكنيسة التي رفضت التصريح له بالزواج بعد طلاقه من زوجته الأولي الفنانة هالة صدقي, يطرح بالضرورة عددا مع الاسئلة المهمة, أخطرها ما يتعلق بالعلاقة بين القانون والدين, وأيهما ينبغي أن يوافق نفسه من الآخر, القانون الوضعي الذي يصنعه البشر, ويصطلحون علي احترامه لتنظيم, وتيسير شئون حياتهم, أم الشريعة التي هي جزء من اللاهوت تمثل أوامر ونواهي إلهية, تنظمها تعاليم دينية تسري علي جميع أبناء الكنيسة؟!
لقد استندت المحكمة في حيثيات قرارها السماح للمدعي بالزواج مرة ثانية إلي أن حق تكوين الأسرة حق دستوري يعلو فوق كل الاعتبارات, وأنها إذ تحترم المشاعر الدينية تحكم وفقا لما يقرره القانون, لأن القاضي لا مفر أمامه سوي تنفيذ حكم القانون, علي حين تتجاوز بعض أحكام القضاة أحكام القانون لتحكم بقوة النص الديني, ولكنها أحكام قليلة, غالبا ما يتم الاعتراض عليها في الاستئناف.
وما يزيد من صعوبة الموقف أن الحكم الذي صدر عن الإدارية العليا حكم نهائي لا يقبل الطعن بما يعني حتمية الصدام بين حكم المحكمة الذي تراه الكنيسة خروجا علي الشريعة المسيحية التي تنظم خصوصية الزواج المسيحي, ولا يملك الإنسان سوي طاعتها باعتبارها جزءا من اللاهوت, لأن طاعة الله تسبق طاعة ولي الأمر, وتسبق طاعة القانون, وكلتاهما من أعمال الناسوت, ولأنه مهما علت إرادة الإنسان واستقامت أحكام القانون فإن هناك ثمة مرجعية دينية أخيرة لا ينبغي تجاوزها إذا كانت جزءا من صلب اللاهوت.
وإذا كان صحيحا أن كل الشرائع تحوي أحكاما وأصولا هي من الثوابت التي لا يجوز التحلل منها, كما تحوي فروعا تدخل في نطاق المتغيرات التي يمكن أن تقبل التطوير والتأويل استجابة لمتطلبات الحياة ورحمة بالعباد, فإن الصحيح أيضا أن تأويل النص الديني بهدف التيسير علي العباد هو مهمة رجال الدين المستنيرين, لأن الدين أي دين, يسر لا عسر, ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه, وإذا كانت هناك أحكام قاطعة تمنع طلاق المسيحي وزواجه مرة ثانية, فلابد أن هناك ظروفا مخففة تفرضها الضرورات, والأمر في النهاية موكول للكنيسة التي ترعي خصوصية الزواج المسيحي, وتحافظ علي أحكامه... وأظن أن الأمر جدير بأن يكون موضع نظر المحكمة الدستورية العليا تصحيحا للعلاقة بين الدين والقانون.
الاهرام
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى