نقطة نور
مرحبا بك عزيزي………إسمحلي ان أرحب بك فى منتدى نقطة نور
فكم أتمنى أن تتسع صفحات منتدياتنا لقلمك ، وما يحمله من عبير مشاعرك ومواضيعك ، وآرائك الشخصية
التي سنشارك الطرح والإبداع فيها
فأهلاً بك قلماً مميزاً وقلبا ً حاضراً ، فنرجو ان تستمر معنا بتسجيل بياناتك لتنضم لمنتدى نقطة نور

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

نقطة نور
مرحبا بك عزيزي………إسمحلي ان أرحب بك فى منتدى نقطة نور
فكم أتمنى أن تتسع صفحات منتدياتنا لقلمك ، وما يحمله من عبير مشاعرك ومواضيعك ، وآرائك الشخصية
التي سنشارك الطرح والإبداع فيها
فأهلاً بك قلماً مميزاً وقلبا ً حاضراً ، فنرجو ان تستمر معنا بتسجيل بياناتك لتنضم لمنتدى نقطة نور
نقطة نور
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الصحفي والسياسي‏!‏

اذهب الى الأسفل

الصحفي والسياسي‏!‏ Empty الصحفي والسياسي‏!‏

مُساهمة من طرف admin السبت يونيو 05, 2010 12:20 am

الصحفي والسياسي‏!‏ Abdulmonemsaid

احترت طويلا في مقال د‏.‏ عبدالمنعم سعيد السبت الماضي الصحفي والوزير‏,‏ الذي خصصه لتعليق مسهب علي حوار نشرته في الأهرام مع الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار‏,‏ ولم أعرف كيف أتصرف حياله؟‏!
هل أرضي بهذه السطور الجميلة التي أغدق خلالها علي شخصي المتواضع كثيرا من الأوصاف‏,‏ أرجو لو كنت أستحق بعضا منها‏,‏ وأغض الطرف عن رؤية كاملة عبر عنها المقال تكاد تتهمني بالتربص المسبق لمشروع الاصلاح الليبرالي للاقتصاد المصري‏,‏ الذي يتحمس له الدكتور عبدالمنعم سعيد‏,‏ لأنني ابن عصري‏,‏ أحمل علي كاهلي تجربة‏40‏ عاما أو أكثر في الانحياز لقطاع الأعمال العام والتشكيك في قدرة القطاع الخاص علي النهوض بأعباء التنمية‏,‏ والتشكك في إمكان أن تنجح قوانين السوق في إحداث التوازن بين العرض والطلب وتحقيق عدالة الأسعار‏,‏ وعدم الصبر علي تجربة تحرير الاقتصاد الوطني التي ربما لم تبدأ بعد‏!,‏ والتشكيك في نتائجها بالتركيز علي الحديث عن مخاطر الاحتكار في السوق المصرية دون رؤية آفاق المستقبل‏,‏ وأخيرا‏,‏ يضبطني الدكتور عبدالمنعم سعيد متلبسا بالعمل علي إعادة العجلة للوراء لمجرد انني تساءلت‏:‏ إن كان التسعير الجبري لبعض السلع الأساسية سوف يؤدي الي السوق السوداء‏,‏ وهو يؤدي بالفعل الي السوق السوداء‏,‏ فلماذا لا نلجأ الي التسعير الاسترشادي كي نفضح جشع بعض التجار الذي جاوز كل الحدود؟‏!.‏
ولا أعرف لماذا حرص د‏.‏ عبدالمنعم سعيد‏,‏ الذي يبذل في مقالاته جهدا كبيرا لاقناع قارئه أنه أمام رؤية موضوعية علمية لإضاءة كل عناصر القضية التي يتعرض لها علي تصوير موقفي‏,‏ وكأنني ذهبت الي الدكتور محمود محيي الدين متسلحا بأيديولوجية خاصة هي من بقايا فكر خمسينيات القرن الماضي‏,‏ التي عشت في ظلها متربصا بسياسات الاصلاح الليبرالية الجديدة التي لا بديل عنها‏,‏ بعد أن سقطت تجرية سيطرة قطاع الأعمال العام علي كل مناحي الاقتصاد الوطني التي انتهت بفشل ذريع‏,‏ ولم تؤد الي تراكم رءوس الأموال بما يمكن عجلة التنمية من الدوران اعتمادا علي عائدها‏,‏ ولم تحقق الجودة المطلوبة للمنافسة في السوق العالمية‏,‏ وأدت في النهاية الي أن يصبح قطاع الأعمال العام عالة علي الخزانة العامة التي أوشكت علي الإفلاس‏.‏
وربما يكون من المفيد‏,‏ ابتداء‏,‏ أن أعيد تعريف نفسي للدكتور عبدالمنعم سعيد‏,‏ حتي يتصل الحوار بيننا دون أفكار مسبقة‏,‏ لأنني لم أكن يوما ما من دراويش القطاع العام‏,‏ واعتبر نفسي مجرد صحفي يخلص لقواعد وأصول مهنته‏,‏ واجبه الأول أن يسأل الأسئلة الصحيحة‏,‏ يدقق السؤال ويفتش في الاجابات التي يتلقاها كي يتأكد من مصداقيتها في محاولة للوصول الي أقرب نقطة من الحقيقة‏,‏ علمتني دراسة الفلسفة ألا أحبس نفسي في أي قالب عقائدي أو مذهبي‏,‏ لأن الصحفي إن أصبح عقائديا فقد قدرته علي ملاحقة التطور‏,‏ ووضع بنفسه قيدا علي فكره‏,‏ واذا كنت قد ذهبت الي الدكتور محمود محيي الدين مسلحا بتجربة‏40‏ عاما عاصرت خلالها تجربة قطاع الأعمال العام واعيا لأخطائها ونجاحاتها‏,‏ فربما يحسن من باب الايضاح أن أؤكد أيضا أنني كنت من أوائل الذين تحمسوا لدور غير محدود للقطاع الخاص في بناء الاقتصاد الوطني كي لا يقوم علي ساق واحدة‏,‏ ولأن إهدار القطاع الخاص يعني إهدار قدرات المجتمع وإهدار حوافز الأفراد‏,‏ وإهدار المنافسة اعتمادا علي جهد الحكومة التي لا ينبغي أن تكون الزارع أو الصانع أو رب العمل الوحيد‏,‏ لكنني لا أستطيع أن أخفي عن الدكتور عبدالمنعم أنني كما ذهبت الي وزير الاستثمار مسلحا بخبرة‏40‏ عاما في تجربة القطاع العام‏,‏ ذهبت إليه وقد خبرت عن قرب تجربة التحول الاقتصادي الليبرالي‏,‏ منذ بدأت سداحا مداحا في عهد الرئيس السادات لظروف فرضت أن يكون أول القادمين الي السوق الجديدة بعض المغامرين الذين يريدون تحقيق ضربات وصفقات عاجلة‏,‏ وهو أمر طبيعي يكاد يتكرر في كل حالات التحول الاقتصادي‏,‏ الي أن انتهت تحت ناظرينا الآن بوجود قطاع خاص تزداد قدرته وتزداد مساحة نشاطه الي أن أصبح العامل الرئيسي في قطاع الصناعة يسهم بما لا يقل عن‏70‏ في المائة إن لم يكن أكثر من حجم الإنتاج الصناعي‏,‏ كما يسهم بما يقرب من‏99‏ في المائة من حجم الاقتصاد الزراعي‏,‏ كما أصبح شريكا في السلطة والقرار من خلال حكومة يشارك فيها أهم شخوص القطاع الخاص‏,‏ ضاعت معها الحدود التي ينبغي أن تفصل بين سلطة المال وسلطة القرار‏,‏ وتجعل سلطة التشريع في منأي عن سلطة أصحاب المصالح كما ينص الدستور‏.‏
واذا كان الدكتور عبدالمنعم سعيد يأخذ علي تجربة جيلي أنه لم ينتبه في وقت مبكر الي أخطاء قطاع الأعمال العام التي تراكمت حتي أعجزته عن أن يحقق نموه معتمدا علي عائده برغم ثلاث حروب خاضتها مصر خلال هذه الفترة‏,‏ فإن في وسعي أن أرد له النصيحة‏,‏ كيلا يرتكب جيله الخطأ نفسه‏,‏ وينظر الي الليبرالية الاقتصادية وكأنها البقرة المقدسة التي لا يجوز التعرض لها بالنقد‏,‏ ويسكت عن أخطاء كثيرة نعرفها جميعا‏,‏ لم تمكن عملية تحرير الاقتصاد الوطني بعد من إقامة سوق متوازنة تحكمها المنافسة الحقيقية تملك قدرة تحقيق رقابة ذاتية فاعلة تمنع الاحتكار‏,‏ ولم تساعد علي تساقط ثمار التنمية كي يستفيد من عائدها كل فئات المجتمع‏,‏ بدلا من أن يزداد الاغنياء غني ويزداد الفقراء فقرا وتتسع المسافات بين أصحاب الدخول الي حد يتجاوز مئات الأضعاف‏.‏
وأظن أن مهمة الدكتور عبدالمنعم سعيد ومهمتي أن تكون لدينا قدرة أكبر علي المكاشفة والوضوع ورصد الأخطاء قبل تراكمها وتفاقمها والتنبيه الي المخاطر المحدقة التي تنشأ عن الاحتكار وعدم توازن توزيع عائد التنمية‏,‏ وإهمال المشروعات المتوسطة والصغيرة ومخاطر البيروقراطية التي يمكن أن تفسد النظام الرأسمالي في ظل غياب رقابة نزيهة‏,‏ كما أفسدت النظام الاشتراكي لغياب الديمقراطية الفاعلة‏.‏
وليسمح لي الدكتور عبدالمنعم سعيد أن أكون صريحا معه‏,‏ خاصة أنه يعتقد‏,‏ علي غير حق أو حقيقة‏,‏ أنني من جيل يخاصم الخصخصة برغم فساد قطاع الأعمال العام وقلة عائده‏,‏ وانني ذهبت الي وزير الاستثمار معتقدا أن هناك قرارا سابقا بخصخصة الاقتصاد المصري‏,‏ علي حين تقول الحقائق إنه لا توجد دولة واحدة في العالم تعتقد أن مصر من الدول التي حررت اقتصادها الوطني‏,‏ وأنني لاأزال أنظر بحالة من التربص والتوجس الدائم الي كل ما له علاقة بالقطاع الخاص أو يقترب منه‏,‏ مستخدما في حواري مع الوزير وسائل تكاد تكون غير مشروعة‏!,‏ أخطرها من وجهة نظره أنني أورد أسئلتي علي لسان البعض الذي يصعب التأكد من وجوده أو أحيانا علي لسان الجميع الذي يصعب التثبت من وجودهم خاصة عندما سألته‏:‏ البعض يعتقد يا سيادة الوزير أن بعض الاحتجاجات الأخيرة التي وقعت في عدد من شركات قطاع الأعمال‏,‏ التي تم خصخصتها تكشف عن مثالب الخصخصة‏.‏
ولست أعرف من أين استقي الدكتور عبدالمنعم سعيد مجمل اعتقاداته غير الصحيحة‏,‏ لأنني لم أذهب الي وزير الاستثمار كي أناقشه في مشروعية الخصخصة أو عدم مشروعيتها‏,‏ أو حجم مشروعاتها قياسا علي حجم الاقتصاد الوطني‏,‏ لأن ذلك بالنسبة لي أمر مدرك منذ زمن أعرفه حق المعرفة‏,‏ وقد أوردت بعض حقائقه في سياق حواري مع الوزير‏,‏ ولكنني ذهبت الي الوزير كي أناقش معه قضية محددة تتعلق بقرار مهم صدر عن الوزير وأعلنه علي الملأ يؤكد‏,‏ أن الدولة لن تبيع من الآن فصاعدا أي من شركات قطاع الأعمال العام لمستثمر رئيسي لأسباب حاولت في لقاء الوزير أن استكشف كنهها وأبعادها‏..‏ وإذا بدا للدكتور عبدالمنعم سعيد باعتباره عضوا مرموقا في لجنة السياسات‏,‏ أن ذلك يدخل في باب التشكك والتشكيك في جدوي ليبرالية الاقتصاد الوطني‏,‏ فإنه في الحقيقة يدخل في صميم اختصاصي كصحفي من واجبه أن يسأل ويسأل ويسأل في ظل واقع يصعب تجاهل حقائقه‏,‏ لأن قوانين السوق لا تعمل بكفاءة في الواقع المصري ولأن هناك قوي احتكارية لاتزال تسيطر علي قطاعات مهمة في الاقتصاد الوطني‏,‏ تحجب السلع عندما تريد‏,‏ وترفع أسعارها وقت ما تشاء وتستورد لمصر أردأ الأنواع‏,‏ وهذا ما جري ويجري في أسواق اللحوم والأسمنت والحديد والقمح‏,‏ واذا كان الدكتور عبدالمنعم لا يري ما قلته صحيحا لأن هناك‏17‏ شركة في مصر لإنتاج الحديد ولأن عدد شركات الأسمنت قد تضاعف أخيرا‏,‏ ولأن جزءا من السلع ينتجه الفلاحون المصريون‏,‏ فالجميع يعرف أن العبرة في قضية الاحتكار لا تكون بالعدد‏,‏ وفي مجال انتاج الحديد ربما تكون هناك‏17‏ شركة‏,‏ لكن هناك شركة قوية واحدة تسيطر بحجم انتاجها الضخم هي التي تحكم أسعار السوق‏,‏ وفي سوق الأسمنت أتمني لو أن السياسي الدكتور عبدالمنعم سعيد استعاد قصة الصراع الطويل بين احتكارات الأسمنت والوزير رشيد الذي اضطر خروجا علي قوانين السوق أن يلزم شركات الأسمنت تحديد سعر البيع علي كل شيكارة أسمنت‏..‏ ومع ذلك‏,‏ حسنا أن تنبهت الحكومة لهذه المخاطر وأصدرت قوانين مقاومة الاحتكار وحماية المستهلك التي تحتاج الي سنوات طويلة‏,‏ كما قال وزير الاستثمار في حواره‏,‏ كي تكون فاعلة في السوق لأننا تأخرنا طويلا في إصدارها‏,‏ وحسنا أن تزايد حجم انتاج الأسمنت لتقليل سطوة احتكارات الشركات الأجنبية علي السوق‏.‏
لقد كنت أتمني لو أن الدكتور عبدالمنعم سعيد حاكم حواري مع الوزير في ضوء السطور المنشورة وفي ضوء مهمتي كصحفي‏,‏ بدلا من التفتيش عن أفكار لم أنطق بها ولم أعبر عنها‏,‏ ولكنه استقاها من رؤية مسبقة تحكم علي أفكار جيل كامل بأنه يعادي تحرير الاقتصاد الوطني‏,‏ وهو أمر غير صحيح‏,‏ كما استقاها من تقويمه الخاص لعدد من الأسئلة التي وجهتها للوزير الي أن ضبطني متلبسا بسؤال الوزير‏:‏ إن كان التسعير الجبري يخاصم قواعد تحرير الاقتصادي ويؤدي الي نشوء السوق السوداء‏,‏ وهو يؤدي الي ذلك بالفعل‏,‏ هكذا كانت صيغة السؤال ـ فلماذا يا سيادة الوزير لا تأخذ الحكومة بالسعر الاسترشادي؟‏!‏
ويبدو أنني ارتكبت جرما لا يغتفر في حق ليبرالية الاقتصاد الوطني‏,‏ دفع الدكتور عبدالمنعم سعيد الي أن يعلن علي قرائه خبر ضبطي متلبسا وهو يكتب أخيرا أفصح الصحفي عن موقفه وموقف عصره الذي يريد أن يسلب السوق أهم حقائقها ويوكل الي مجموعة من البيروقراطيين تسعير السلع‏.‏
ولا أظن أن الدكتور عبدالمنعم سعيد يجهل أن التسعير الاسترشادي لايزال معمولا به في مصر في تحديد أسعار بعض الأدوية‏,‏ وأنه لا يخاصم من حيث المبدأ مباديء تحرير الاقتصاد الوطني لأنه مجرد سعر استرشادي يفتقد قوة التنفيذ‏,‏ تكاد تقتصر مهمته علي كشف حجم التلاعب في الأسواق والتشهير بالتجار الجشعين ولا يقوم علي تحديده بالضرورة بعض الموظفين‏,‏ لأن جمعيات حماية المستهلكين الرئيسية يمكن أن تنهض بهذه المهمة كيلا يتكرر ما حدث في سوق اللحوم‏,‏ التي ضاعف سعرها في قفزة واحدة‏.‏
ولعلني أقول أخيرا إن تحصين أي فكر إنساني من حق النقد والسؤال يفسد هذا الفكر كان اشتراكيا أو رأسماليا‏,‏ لأن الإنسانية لم تتعرف بعد علي الطريق الصحيح الذي يضمن لها العدل والتقدم معا‏,‏ وهي لاتزال تجتهد بحثا عن الصيغة المثلي‏,‏ واذا كان انهيار الاتحاد السوفيتي كشف عمق أزمة النظام الاشتراكي الذي اعتبر القطاع العام بقرة مقدسة لا يجوز المساس بها‏,‏ وأوكل الي البيروقراطية المكتبية أن تتحدث وتتصرف باسم الشعب الغائب‏,‏ وقتل المنافسة والمشروع الخاص والحافز الفردي بما زاد من فرص الركود‏,‏ فإن الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة كشفت حجم الفساد الذي أصاب النظام الرأسمالي وعشعش داخل المصارف والبنوك العالمية الكبيرة وزاد من حجم الديون المسمومة التي كادت تؤدي الي إفلاس الولايات المتحدة وزعزعة الاستقرار الاقتصادي لدول الاتحاد الأوروبي والجماعة الدولية وأدت الي ارتفاع أصوات الاصلاح في العالم الرأسمالي تطلب إعادة نظر شاملة في جوانب عديدة أدي اهمالها الي توحش النظام الرأسمالي‏.‏

الاهرام السبت 22من جمادى الاخرة 1431 هــ 5 يونيو 2010 السنة 134 العدد 45106
admin
admin
نقيب الصحفيين
نقيب الصحفيين

رقم العضوية : 1
الصحفي والسياسي‏!‏ 17916332
عدد المساهمات : 230
تاريخ التسجيل : 11/05/2010
العمر : 89
المهنة : نقيب الصحفيين والأمين العام لإتحاد الصحين العرب

https://mmahasabo.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الصحفي والسياسي‏!‏ Empty رد: الصحفي والسياسي‏!‏

مُساهمة من طرف admin السبت يونيو 05, 2010 12:29 am

الصحفي والسياسي‏!‏ Abdulmonemsaid

من القاهرة
الصحفي و الوزير‏!‏
بقلم: د.عبد المنعم سعيد

قليلة هي الأعمال التي تلخص أحوالنا وتضع النقاط علي الحروف فيها‏,‏ وتبرزها لنا في حالة نقية وصافية‏,‏ بحيث نتبين وضوح معالمها‏,‏ ونستطيع ساعتها أن نعرف أسباب الحالة التي نعيش فيها‏.

وربماـ ساعتها أيضاـ نستطيع أن نخرج من الأسباب إلي السياسات التي ينبغي اتباعها حتي ننتقل إلي حالة أو حالات أفضل‏;‏ ومن يعرف ربما نلحق بركب الدول التي توصف بأنها متقدمة في العالم‏.‏ ولا يخفي علي أحد أن هناك الكثير من القضايا المعلقة في الفضاء السياسي والاقتصادي والثقافي المصري يجري حولها الحديث أحيانا‏,‏ والشجار أحيانا أخري‏,‏ ولكن هناك غراما دائما في أن تبقي هكذا حالها لا يظهر فيها نقاط الاتفاق والخلاف‏,‏ ومزايا ومثالب كل مسار‏,‏ وما حدث في تجارب الدول الأخري التي يجري استدعاؤها حسب الأمزجة أو عندما تتوافق مع واحدة من وجهات النظر أو حتي من أجل الإحراج والشماتة‏.‏
والقائمة طويلة وتشمل قضايا متعددة‏,‏ وهل ننسي ما يجري من وقت لآخر من أحاديث حول الدستور‏,‏ وعلاقة الدين بالدولة‏,‏ ومدي تدخل الدولة في الاقتصاد‏,‏ والحد الذي يمكن فيه الاستفادة من تجارب الدول الأخري في الشرق والغرب‏,‏ ومتي تقف الاستفادة لكي تقفز الهوية والخصوصية والذاتية‏,‏ والذي فينا ولا يعرفه أحد لا من قبل ولا من بعد لكي يبقي الأمر تفكيرا أو تذكيرا علي ما هو عليه‏.‏ وهل يمكن تجاهل قضايا المرأة ومكانتها في المجتمع‏,‏ حتي هذه اللحظة‏,‏ عما إذا كان واجبا أو ممكنا دخولها إلي مجال العمل أم أن مكانها حيث تتناسب طبيعتها ـ هكذا يقال ـ في بيتها تربي الأجيال وتساند الأزواج‏.‏ وماذا عن قضايا الوحدة الوطنية التي يحلف الجميع بأغلظ الأيمان أنها في أحسن حال‏,‏ بينما يراها آخرون أنها ليست بتلك الحال‏,‏ وإنما هي في حالة أخري يكون فيها حلو اللسان عن المساواة أما عندما يصل الأمر إلي الواقع نجد أنفسنا أمام شعب آخر‏.‏
ولكن من بين هذه القضايا الشائكة جميعا توجد حزمة أو شبكة من الموضوعات التي تبدو لي أنها حاكمة لكثير من المسائل الأخري تتمحور حول مفهوم الخصخصة الذي تجري حوله وترتبط به مفاهيم أخري‏,‏ مثل اقتصاد السوق وشكل الملكية فردية أو جماعية والعلاقة مع الاقتصاد العالمي الذي يقوم بشكل أو آخر علي الفكرة الرأسمالية بعد أن تم التخلص من الأغلبية الساحقة من الدول الاشتراكية‏,‏ ولما يبق إلا القليل منها مصحوبا بعدد لا بأس به ممن يريدون نوعا من التلفيق ما بين الفكرتين والنظامين‏.‏
ووسط هذه العملية المتشابكة من الأفكار والنظم يصعب دائما وجود عمل صحفي أو فكري يمكنه أن يصفيها من شوائبها ويضعها علي مائدة البحث كما يفعل الطبيب الذي يقوم بتطهير وتعقيم المريض قبل إجراء العملية الجراحية حتي تكون جاهزة لما سيأتي من علاج أو جراحة‏.‏ ولكن فعلها الكاتب والصحفي الكبير والقدير ـ ونقيب وزعيم الصحفيين ـ الأستاذ مكرم محمد أحمد عندما قام بالحوار مع الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار علي صفحات الأهرام يوم السبت الماضي تحت عنوان لماذا كان ينبغي أن نعيد النظر في الخصخصة؟‏!;‏ ولم يكن ذلك عنوانا بل خبرا أيضا لأن أحدا لم يكن يعرف أنه قد تم اتخاذ قرار من الدولة أو المجتمع بإعادة النظر في الخصخصة‏,‏ لسبب بسيط هو أنه لم يكن معروفا أن هناك قرارا ـ بكل ما يعنيه القرار من معني التنفيذ والنفاذ والسرعة في التطبيق ـ بخصخصة الاقتصاد المصري من الأساس‏.‏
طرفا الحوار ينتميان إلي جيلين مختلفين‏,‏ الصحفي كان بارزا عبر عصور مختلفة‏,‏ ومعروف بنقاء الفكرة مع حسم الموقف‏,‏ وله في النبل أحوال كثيرة في الخدمة العامة والمهنة الصحفية‏.‏ ولكن أبرز ما فيه أنه يعبر عن عصر كامل مر بمصر منذ الأربعينيات من القرن الماضي وظل مظللا عليها بمفاهيم للحرية والعدل كانت بنت أيامها‏,‏ وفي كل الأحوال لم تخدشها أو تفض بكارتها تجارب الأيام بين الشعوب والأمم‏.‏ الوزير ابن جيل آخر جاء إلي الدنيا والسياسة مع الثلث الأخير من قرن ما لبث أن ولي وراح‏,‏ وأخذته أسرته السياسية من الجامعة إلي دنيا الخدمة العامة والسياسة بعد أن طاف الدنيا يطلب علما وينهل من عالم تغير كما لم يتغير في زمن آخر‏.‏ وعندما دخل الوزارة كانت حقيبته في قلب الموضوع حيث الاستثمار والاستثمارات والتراكم الرأسمالي يقع في قلب الانتقال الوطني من حال إلي أخري‏.‏ وعندما جلس الصحفي والوزير معا من أجل الحوار كان هناك عالمان يلتقيان‏,‏ ويدركان ما بينهما من حيرة واغتراب لم يفلح الوطن في الخروج منهما بعد‏.‏
الحوار يعكس هذه الحيرة بين الصحفي والوزير‏,‏ حيث الأول يعتقد اعتقادا جازما أن هناك قرارا كان موجودا ويجري الآن إعادة النظر فيه‏,‏ لأن الوزير صرح بأنه لن يقوم ببيع مؤسسة اقتصادية عامة لمستثمر رئيسي‏,‏ وإنما سيطرح بعضا من أسهمها في البورصة ويبقي للدولة القدرة علي التحكم في الوحدة الاقتصادية وهو ما يعني في الواقع العملي وجود قطاع عام قوي داخل القطاع الخاص فتحصل الوحدة الجديدة التي هي ليست عامة نقية‏,‏ ولا خاصة صافية‏,‏ علي مساوئ كليهما‏.‏ الوزير من ناحيته يعرف الحقيقة تماما‏,‏ وهو أنه لا يوجد تقرير دولي واحد يعترف بمصر ضمن الدول التي تحولت إلي اقتصاد السوق‏,‏ وهو يعلم تماما أن الاقتصاد العام في مصر واسع وفسيح ويشمل كل أشكال البنية الأساسية من مواصلات واتصالات وطاقة وطرق وموان ومطارات وكهرباء وماء وصناعات إستراتيجية ومزارع عامة‏,‏ فضلا عن أرض مصر كلها البالغة مليون كيلومتر مربع‏,93%‏ منها كالعذراء لم يمسسها بشر‏.‏ وما جري منذ أعوام طويلة هو أن الدولة وجدت أن هناك‏314‏ شركة عامة‏(‏ في مصر أكثر من‏70‏ ألف شركة‏)‏ يمكن خصخصتها لا يوجد فيها من العمال أكثر كثيرا من‏300‏ ألف عامل‏(‏ يقترب عدد العاملين في مصر من‏24‏ مليون نسمة‏).‏ وما جري فعليا أنه بعد خمسة وثلاثين عاما من الانفتاح الاقتصادي‏,‏ والإصلاح المالي‏,‏ والتحول كما قيل نحو اقتصاد السوق‏,‏ ومتابعة التطورات والنظريات العالمية في التغيير والتقدم‏,‏ ودخول مصر إلي منطقة الدول البازغة والناشئة والصاعدة‏,‏ فإن ما تمت خصصته لا يزيد علي‏149‏ شركة وبقيت‏165‏ علي حالها في حماية الدولة والمجتمع‏.‏ ويلخص الوزير الموقف الذي يعرفه تماما حين يقول بالرجاء والدعوة للتفهم‏:‏ يبدو أنني سوف أستعين بالمثل الشعبي الذي يقول الصيت ولا الغني لأنه برغم هذا الوصف الذائع بأننا أكثر حكومات مصر ليبرالية‏,‏ فإننا في حقيقة الأمر لم نبع أكثر من سبع شركات من جملة شركات قطاع الأعمال المؤهلة للبيع‏.‏ لاحظ هنا سبع شركات باعتها حكومة متهمة ببيع مصر‏,‏ وعلي مدي خمس سنوات أو أكثر من عمر الحكومة‏,‏ ولكن حتي لا تأخذك الظنون بعيدا عن الحالة الرأسمالية للحكم‏,‏ وزواج رأس المال بالسلطة كما يذاع‏,‏ فلا بد أن تستمر في قراءة ما قاله الوزير لأنه يحكي قصتنا كاملة حينما يفصل فيما فعلته الحكومة بشركاتها السبع المباعة‏:‏ ثلاث من هذه الشركات التي تم بيعها ذهبت إلي وزارة الدفاع‏(‏ هل يوجد ما هو وطني وقومي وعام أكثر من ذلك؟‏)‏ ورابعة ذهبت إلي جهة سيادية أخري‏,‏ وعلي عكس الشائع أعدنا إلي ملكية الدولة عددا من الشركات التي كان قد تم بيعها للعاملين فيها عام‏1997‏ وعددها‏33‏ شركة لم تحقق أي منها نجاحا يذكر بعد خصخصتها‏.‏
قصة الثلاثة والثلاثون شركة التي جري خصخصتها في السابق بتمليكها للعمال لم يجر أبدا روايتها لأنها لا تخص مستثمرا رئيسيا‏,‏ ولا شركة متعددة الجنسيات‏,‏ ولا مجموعة من الرأسماليين المصريين الذين اشتروا أسهما وحصلوا علي حقوق الأغلبية‏;‏ ولكنها تقول لنا الكثير عن جوهر عملية الخصخصة التي تمت‏,‏ أو قل التي لم تتم أيضا‏.‏ ومع ذلك‏,‏ وبعد شرح الوزير المستفيض‏,‏ والمعتذر بدرجة أو أخري عن أمور لم تحدث من الأصل‏,‏ فإن الصحفي يسأل فورا عن سبب الحرص علي الهرولة إلي الخصخصة‏,‏ وكأن ثلاثين عاما من سير السلحفاة ليس دليلا كافيا علي التأني‏,‏ مادام جري خفض مديونيات قطاع الأعمال العام بعد جهد جهيد وبدأ بعضها يعطي‏3.7‏ مليار جنيه من الأرباح بينما لا تزال مديونيته قدرها ستة مليارات‏.‏ وكانت آخر مرة استمعت فيها إلي كلمة الهرولة قد جاءت من السيد عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية إبان عملية السلام العربية ـ الإسرائيلية في منتصف التسعينيات‏,‏ وشاعت الكلمة حتي كتب عنها نزار قباني‏-‏ رحمه الله ـ قصيدة‏,‏ وبعد عقد من الزمان كانت الهرولة قد انتهت ومعها السلام والأرض معا‏.‏
لاحظ هنا أن الصحفي ليس مهتما إطلاقا بإجراء المقارنة بين قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص‏,‏ وما يدفعه الأخير من ضرائب للدخل والمبيعات والشركات المملوكة للدولة‏,‏ ولا جرت مقارنة أبدا مع دول طالما استعذبنا المقارنة معها مثل تركيا وماليزيا وبولندا والبرازيل وأنواع مختلفة من فهود ونمور الدول وما حدث فيها من برامج للخصخصة والتحول إلي اقتصاد السوق وما تبقي من طوائف التغيير التي جرت في العالم خلال العقدين الأخيرين‏.‏ ولأن الصحفي هنا بقدراته الكبيرة يكاد يكون ملخصا لكثير من الآراء الشائعة والمعبرة عن عصور مصرية بأكملها فإنه ينظر بحالة من التوجس الدائم إلي كل ما له علاقة بالقطاع الخاص أو من يقترب منه‏,‏ ولديه مصدر للمعلومات تكاد تجده علي لسان كثرة من الصحفيين والمعلقين بالتليفزيون والمتحدثين في البرامج الحوارية واسمه البعض‏,‏ فيكون السؤال‏:‏ البعض يعتقد أن الإضرابات الأخيرة التي حدثت في بعض شركات الأعمال وخروج عمال هذه الشركات في وقفات احتجاجية أمام مجلس الشعب‏,‏ هي من مثالب الخصخصة التي أهدرت حقوق عمال هذه الشركات‏.‏ وبعد ذلك يمضي السؤال لكي يعدد ما يفعله بعض المستثمرين من تخسير أعمالهم لكي يتحولوا إلي الاستثمار العقاري‏,‏ أو طرد العمال بحجة العمالة الزائدة‏.‏
ليس مهما هنا التنويه عما إذا كان المقصود هنا حالات فردية أو حالات عامة في الشركات التي تمت خصخصتها‏,‏ ولا يعنينا الآن عما إذا كان هناك حق لصيق في اقتصاد السوق أن يتحول المستثمر من قطاع استثماري إلي آخر أكثر ربحا وعائدا أم أن الأصل في العملية الاستثمارية كلها أن يستثمر الاستثمار الناجح حيث توجد الخسائر الدائمة‏!.‏ ولكن ما يهمنا ويعنينا أن هذا البعض المجهول دائما ليس علي صواب‏,‏ ولذا يجري الوزير فورا إلي نفي تهمة الاحتجاجات‏,‏ بل إنه يقطع ـ هكذا قال ـ بأن غالبية الاحتجاجات تمت في قطاعات حكومية لا يوجد ما هو عام أكثر منها‏.‏ والحقيقة أن جميع الدراسات والبحوث التي جرت علي هذه التحركات الاحتجاجية أثبتت أن الأولوية فيها للقطاع الحكومي‏,‏ ثم القطاع العام والهيئات العامة‏,‏ وأخيرا يأتي القطاع الخاص بأشكاله المختلفة‏.‏
ولما كان كل ذلك غائبا‏,‏ ويقوم علي ذلك البعض الذي هو في حقيقته نوع من المعتقدات الشائعة بين صفوف النخبة وجري ترديدها بإلحاح حتي تم تصديقها وصارت من الكتب المقدسة‏,‏ فإن الصحفي ليس مهتما بتتبع نتائج الخصخصة الفعلية‏,‏ وما جري للاستثمارات الخاصة في مصر ولا نتائجها‏,‏ ولا مدي ما قدمته للمجتمع من ضرائب وتشغيل وتصدير علي الأقل مقارنة بما قدمه النموذج الآخر القائم علي الملكية العامة‏.‏ ولكن المهمة الواقعة عليه هي السؤال عن الدروس المستفادة من أخطاء الخصخصة الذي ينتظر إجابة واضحة تكشف عن بدائل الخصخصة‏.‏ وبعدها يمضي للتعريض ببرنامج عرضه الوزير من قبل عرف باسم الصكوك الشعبية والذي اعتبره الكثيرون ـ وهي كلمة أخري مرادفة لكلمة البعض ـ طريقا مراوغا للتخلص من شركات قطاع الأعمال العام‏.‏
لاحظ هنا أن تركيب القصة كلها يبدو غريبا للغاية‏,‏ فلدينا خصخصة محدودة للغاية يجري تصويرها من قبل الصحفي علي أنها كاسحة‏,‏ ونتائج اجتماعية وسياسية نتيجة تحولات كثيرة في المجتمع والدولة والعالم يجري تصويرها علي أنها نتيجة للخصخصة التي لم يحدث منها إلا القليل‏.‏ وبين هذا وذاك يجري الحديث عن الاحتكارات الكبري في الدولة في مجالات الأسمنت حيث توجد‏20‏ شركة‏,‏ والحديد حيث توجد‏18‏ شركة أخري‏,‏ والقمح واللحوم التي يتم إنتاجها وبيعها وشراؤها واستيرادها عن طريق الفلاحين المصريين ومن قبلهم وبعدهم الحكومة التي تقوم بالاستيراد‏;‏ وكأنه لا توجد في دولة مصر جهات حكومية معنية بتحديد ومكافحة حالات الاحتكار‏.‏ ولذا فإن الوزير يعود مرة أخري إلي التأكيد علي أن الحكومة التي ينتمي إليها كانت هي التي قدمت قوانين حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وقانون حماية المستهلك‏;‏ ولكن السؤال لم يطرح للنقاش أبدا لماذا لم تكن هذه القوانين موجودة منذ وقت طويل‏,‏ أو طالب بها أحد عندما كانت الدولة تحتكر كل شيء‏,‏ ولم يكن علي المستهلك إلا أن يقبل ويطيع‏.‏
ولكن الصحفي يفصح في النهاية عن موقفه‏,‏ وموقف عصره‏,‏ من حالة السوق المثالية حيث تتدخل الدولة لتحديد الأسعار‏,‏ ولكن‏,‏ والكلام للصحفي‏,‏ إذا كان التسعير الجبري للسلع الأساسية يتعارض مع قواعد تحرير الأسواق‏,‏ فلماذا ترفض الحكومة الأخذ بنظام السعر الاسترشادي الذي يقوم علي حساب كلفة الإنتاج إضافة إلي تحديد نسبة من الربح العادل‏...‏ هنا يسلب الصحفي السوق أهم خصائصها وهو تحديد السعر العادل ويضعها في يد حزمة من الموظفين الذين عليهم إصدار كتاب كل ساعة ولكل إقليم حسب الفقر والغني وما بينهما من ستر أو يسر ولكل فصل من فصول السنة‏,‏ وبعد ذلك يضع الدولة أمام اختبار قاتل إذا ما وجدت أن أسعارها الاسترشادية لا معني لها في واقع متغير لا تتغير فيه طبيعة السلعة فقط‏,‏ وأذواق المستهلكين وقدراتهم‏,‏ ولكن مع كل ذلك أشكال وأثمان الدعاية وأشكالها‏.‏ ولكن الاختبار الأهم سوف يكون لشعب المستهلكين الذين سوف يجدون أنفسهم أمام سوق سوداء مستديمة يضيع فيها معني العدل والرشاد‏.‏ ولذلك فإن الوزير يتجنب مناقشة تلك المسألة الاسترشادية‏,‏ ويشير إلي المنافسة كعاصم من زلل السوق وذنبه‏;‏ وفي الحالتين تبقي الصور المتقابلة مع الصحفي حائرة وزائغة‏.‏
تهنئة للصحفي والوزير علي تعبير كل منهما عن عصره‏,‏ وكان الحوار ممتعا ومفيدا أيضا لأنه وضع نقاطا كثيرة علي حروف وطن لم يصل بعد إلي مرافئ وصلت إليها دول كثيرة قبلنا‏,‏ والمهم أن نستمر في الحوار ونأخذه خطوات إلي الأمام‏.‏
‏amsaeed@ahram.org.eg‏
admin
admin
نقيب الصحفيين
نقيب الصحفيين

رقم العضوية : 1
الصحفي والسياسي‏!‏ 17916332
عدد المساهمات : 230
تاريخ التسجيل : 11/05/2010
العمر : 89
المهنة : نقيب الصحفيين والأمين العام لإتحاد الصحين العرب

https://mmahasabo.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الصحفي والسياسي‏!‏ Empty الصحفي والصحفي الآخر‏!‏

مُساهمة من طرف admin الإثنين يونيو 07, 2010 3:11 am

بقلم: د.عبد المنعم سعيد
إذا كان الأستاذ مكرم محمد أحمد قد احتار في كيفية الرد علي مقالي الصحفي والوزير الذي علقت فيه علي الحوار الذي جري بين الكاتب النقيب والدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار ونشرته الأهرام‏;
‏ فإن مثل هذه الحيرة لم تستبد بي مطلقا لأن المقامات لدي ظلت دوما محفوظة بحكم التاريخ والتجربة والمساهمة في الحياة الصحفية والفكرية المصرية‏.‏ أما الموضوع والقضية فقد كانا دائما شيئا آخر يستحق التفكير والمناظرة بين آراء متعددة لا أظن أن أحدا من الراشدين يعتقد أن لديه فيها حكمة مطلقة أو يقينا يشبه طلوع الفجر في الصباح وغياب الشمس ساعة الغروب‏.‏ ومن هنا سيكون تعليقي علي مقال الأستاذ مكرم محمد أحمد الصحفي والسياسي‏!‏ الذي نشره بالأهرام يوم السبت الخامس من يونيو الجاري‏.‏ ومقدمتي للتعليق أننا أمام حوار وليس مبارزة‏,‏ وفي الحوار فإن القضية دائما أكبر من أطرافها‏,‏ وطوبي للحوارات التي تأخذ القضايا خطوات إلي الأمام من خلال زيادة المعرفة بها‏,‏ وتقديم الأفكار التي تحل إشكالياتها‏.‏
وفي الحوار قضيتان‏:‏ الأولي مهمة الصحفي في طرح الأسئلة علي مسئول أو سياسي حدث أنه كان هذه المرة وزيرا للاستثمار‏;‏ والثانية‏;‏ القضية نفسها المتعلقة بالقطاع الخاص واقتصاد السوق في مصر‏.‏ وفي الأولي فإن الحرج حال‏,‏ فقد أتيت إلي عالم الصحافة عام‏1976‏ من بوابة البحث السياسي بينما كان الأستاذ مكرم محمد أحمد واحدا من أعلام الصحافة بالأهرام‏;‏ وبعد أن غبت خمس سنوات للدراسة في الولايات المتحدة وعدت في عام‏1982‏ كان صاحبنا قد صار واحدا من نجومها وقادتها انطلاقا من دار الهلال العريقة‏.‏ الفارق هكذا كبير بين قامة وقامة‏,‏ ولكن الثقة في الحكمة أيضا كبيرة‏,‏ ولا أظن أنه سوف يغيب علي رجلنا والقراء أن كلمات مثل البعض يقول أو الكثيرون يطرحون كذا لم تعد تليق بالصحافة المصرية‏,‏ فالتقاليد الصحفية الآن تسند القول إما إلي شخص أو جماعة بأسمائهم‏,‏ والأصح إلي تقرير أصدرته جهة فيها ثقة‏,‏ أو استطلاع للرأي العام أجرته هيئة تعرف تقاليده الصحيحة‏.‏ ولعلي عندما أشرت إلي هذه النقطة في تعليق علي حوار الصحفي والوزير فإنني لم أكن أقصد نقيبنا وحده بل تقليدا بات شائعا في صحافتنا وإعلامنا ويرفع عنهما صفة التدقيق والحرص الواجب‏.‏
وأرجو ألا أكون قد تجاوزت في التعامل مع المهنة عندما تحفظت علي أسئلة كانت أحيانا أكثر طولا من الإجابات وتحمل بين ثناياها وجهات نظر أظنها ظلت معلقة سيفا علي رقاب كل محاولات الإصلاح الاقتصادي في مصر‏.‏ ولا أظنه يكون مقبولا في الأحاديث الصحفية أن الوزير يكاد يقسم بأغلظ الأيمان بأن الخصخصة لم تحدث‏,‏ وإذا ما حدثت فإن الشركات المبيعة كانت لجهات سيادية‏,‏ وبعد ثلاثين عاما من العملية كان ما تم خصخصته لا يزيد علي نصف عدد الشركات الموصوفة بقطاع الأعمال العام‏,‏ وهي التي تشكل كلها أقل من‏18%‏ من الاقتصاد العام في مصر‏;‏ وبعد ذلك يكون السؤال حول الهرولة في عملية الخصخصة‏.‏ وإذا لم يكن لدي قصور شديد في اللغة‏,‏ وإذا كان ما جري من بطء في العملية كلها يسمي هرولة فما الذي يسمي بالكساح إذن‏,‏ وهل يجوز إعطاء السلاحف صفات سرعة الفهود؟‏!.‏
الخلاف في الموضوع والقضية ربما يكون أكثر أهمية لأن الحرج هنا مرفوع‏,‏ والخلاف في النهاية لا يفسد للود قضية‏,‏ وربما كان جوهر المسألة هو ضبط المفاهيم والتعبيرات الشائعة حول الخصخصة والقطاع الخاص والتحول نحو اقتصاد السوق في مصر‏.‏ ولا أظن أن خلافا سوف يحدث بيني وبين الأستاذ مكرم محمد أحمد حول ضرورة منع الاحتكار لأن ذلك يعد وقوفا أمام الفكرة الأساسية في اقتصاد السوق وهي تحقيق المنافسة‏.‏ ولكن الخلاف بيننا سوف يتحدد في نقطتين‏:‏ الأولي أن مفهوم الاحتكار يمتد أيضا إلي الدولة عندما تسيطر وتهيمن وتتحكم في وسائل وعلاقات الإنتاج وبطريقة تعيد الفائض الاقتصادي والاجتماعي إلي فئة من البيروقراطيين وصل عددهم في مصر إلي قرابة سبعة ملايين نسمة‏.‏ والثانية أن هناك فارقا هائلا ما بين زيادة حجم نصيب شركة ما في السوق‏,‏ والممارسات الاحتكارية‏.‏ فقواعد اقتصاد السوق لا تمنع شركة ما من النمو والسعي نحو الاستحواذ علي نسبة عالية من السوق الوطنية أو حتي العالمية‏,‏ وإلا ما كان هناك حافز للنمو أو التنمية والفوز في سباق المنافسة‏;‏ ولكن المهم ألا يحدث ذلك من خلال أساليب تخل بالسوق مثل الإغراق أو حرق الأسعار أو الحصول علي مواد أولية مع منع آخرين من الحصول عليها‏,‏ وهكذا من الأساليب التي تضمن لشركة بعينها احتكار السوق‏.‏ مثل هذه العملية بالغة الدقة‏,‏ وتحتاج إلي معلومات ودراسات وفيرة لا تملكها إلا أجهزة ومؤسسات لا يمكن للصحفي مهما كانت قامته أن يحل محلها ويتجاوز وجودها وأحكامها ويطلق الصفات والنعوت العامة استنادا إلي انطباعات أو شكوك‏.‏
الخشية هنا نابعة من افتقاد التوازن في الانطباعات العامة‏,‏ وبينما يمكن بسهولة استخدام أوصاف مثل الاحتكار والفساد للتعامل مع القطاع الخاص‏,‏ فإنه نادرا ما يشار إلي الإنجازات التي حققها ليس فقط من خلال تعمير الصحراء وزرعها‏,‏ أو من خلال تشغيل العاملين والموظفين‏,‏ بل أيضا مضاعفة الصادرات‏,‏ وتصدير سلع مثل الحديد والأسمنت والسيارات والسلع الكيماوية كانت دائما علي قائمة وارداتنا‏.‏ ما سر هذا الصمت يا تري حول إنجازات القطاع الخاص‏,‏ ولماذا يعد من قبيل العار أن يقول صحفي أو مذيع في الإذاعة أو في برنامج تليفزيوني أمرا طيبا عن المنتجين في بلادنا؟
السر هنا نجده في الحكمة الذائعة في مصر حول التطور الرأسمالي عامة وفي مصر خاصة‏;‏ ويلخصه الأستاذ مكرم محمد أحمد بوصفه القطاع الخاص في مصر بأنه لم ينجح في إقامة سوق متوازنة تحكمها المنافسة الحقيقية‏,‏ ليس هذا فحسب ولكنه أيضا لم يساعد علي تساقط ثمار التنمية كي يستفيد من عائدها كل فئات المجتمع‏,‏ بدلا من أن يزداد الأغنياء غني ويزداد الفقراء فقرا وتتسع المسافات بين أصحاب الدخول إلي حد يتجاوز مئات الأضعاف‏.‏ هذا هو الموضوع إذن‏,‏ وهذه النظرة الذائعة التي لم يتم أبدا مراجعتها استنادا إلي الوسائل التي اتفق عليها العالم بالنسبة لتوزيع الدخل والمعروف بمقياس جيني ‏CoefficientGini‏ الذي يقيس عدالة التوزيع والعلاقة بين غني الأغنياء وفقر الفقراء‏;‏ وفي هذا المقياس فإن مصر تعد ضمن الدول المتوسطة وتسبق في عدالة توزيعها رغم فقرها وحداثة عهدها بالقطاع الخاص دولا نظن أنها المثال والقدوة‏.‏ وبينما يعطي المقياس مصر‏34.4,‏ فإنه يعطي إسرائيل‏39.2‏ وإيطاليا‏36‏ وتركيا‏43.6‏ والولايات المتحدة الأمريكية‏40.8‏ وجنوب أفريقيا‏57.8‏ والبرازيل‏57‏ وبوليفيا‏60.1‏ والأردن‏38.8‏ والمكسيك‏46.1‏ والصين‏46.9‏ وفي الصين التي يشيد بها الجميع عن حق في مجال التنمية‏,‏ وطبقا للإحصاءات الرسمية فإن‏600‏ مليون من سكانها يعيشون بدخل أقل من‏1000‏ دولار في العام‏,‏ وهناك‏400‏ مليون يعيشون علي دخل قدره‏2000‏ دولار‏,‏ بينما يعيش‏60‏ مليونا فقط علي دخل أكثر من‏20‏ ألف دولار‏,‏ وهؤلاء هم الذين يستحوذون علي معظم الثروة الصينية‏.‏
مثل هذه المقارنات مع الدول الأخرى ووفقا لمقاييس ومعايير معروفة هي التي يمكنها أن تجعل تقييم الحالة المصرية أكثر عدالة‏;‏ ولا بأس أبدا من مقاومة الاحتكار والإصرار علي قوانين المنافسة‏,‏ ومراقبة الأخطاء والكوارث التي وقع فيها الاقتصاد الرأسمالي العالمي‏.‏ ولكن ذلك سوف يصدق فقط عندما يكون ما نتكلم عليه هو الواقع فعلا وليس تماثيل من قش وطين نوجه لها السهام بينما هي ليست جزءا من معركة حقيقية‏.‏ فالمعضلة في الاقتصاد المصري لم تكن أبدا أنه انفتح انفتاحا سداحا مداحا‏,‏ وإنما هي أن جوهره ظل علي حاله من سيطرة وتحكم من البيروقراطية لا تحتاج بعده تحكما جديدا بأسعار استرشادية يستحيل وجودها نظرا لتعدد وتغير عناصر العرض والطلب في الزمان والمكان‏.‏ وبعض السلع الزراعية علي سبيل المثال تختلف قيمتها في أول النهار عن آخره‏,‏ وفي الأيام الباردة عن الأيام الحارة‏,‏ وحيث توجد كثافة سكانية عالية أو خفيفة‏,‏ وحيث توجد الدخول المرتفعة أو المنخفضة‏.‏ وهكذا الحال في سلع وخدمات كثيرة تتعدد أسعارها بين الزمالك وصفط اللبن‏,‏ ويستحيل من الناحية العملية وضع قوائم لها تخلق حالة من عدم الثقة الدائمة بين البائع والمستهلك‏,‏ والمنتج والمستخدم‏,‏ وهي الثقة المطلوبة في النظام الاقتصادي الفعال والقابل للنمو والتقدم‏.‏
كل ذلك يأخذنا إلي أصل القضية‏,‏ فلم يكن الحوار بين صحفي متمكن ووزير مهم‏,‏ وإنما كان بين مفكر اكتملت رؤيته للأمور برؤية كاسحة مغلفة بالشكوك في القطاع الخاص وقدرته علي تحقيق التنمية‏,‏ ورافعة سلاح العدالة وتوزيع الثروة باعتباره الهدف والمقصد‏;‏ وسياسي يحاول قدر الطاقة الدفاع عما جري فعلا وليس ما ورد من خيال لا وجود له في الواقع‏.‏ وربما كانت هذه هي الفجوة التي نحتاج جميعا عبورها‏,‏ فهل كان السداح مداح حقيقة أم وصفا صحفيا لقشرة صغيرة برزت علي سطح المجتمع المصري وتخيلها الأستاذ أحمد بهاء الدين غالبة كاسحة‏;‏ وهل جرت الهرولة بالفعل نحو اقتصاد السوق والخصخصة أم أن الدولة أبقت غالبية الاقتصاد في جعبتها‏,‏ وما خرج منها بقيت متحكمة فيه‏.‏ وبدون التحديد الدقيق لما نتكلم عنه فإن الحوار مهما كانت قامة المتحاورين فيه سوف يظل ناقصا وعاجزا عن التطور ومعالجة أسباب القصور في الواقع والسياسات‏.‏
admin
admin
نقيب الصحفيين
نقيب الصحفيين

رقم العضوية : 1
الصحفي والسياسي‏!‏ 17916332
عدد المساهمات : 230
تاريخ التسجيل : 11/05/2010
العمر : 89
المهنة : نقيب الصحفيين والأمين العام لإتحاد الصحين العرب

https://mmahasabo.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى