الطبع ام التطبع؟‏!‏

يمثل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتانياهو بفكره وتربيته وتاريخه وسياسياته وتحالفاته إحدي العقبات الصعبة التي تواجه عملية السلام‏
,‏ ليس فقط لانه رضع التطرف صغيرا عن والده بزيون نيتانياهو احد القادة التاريخيين في عصابة جابوتونسكي أشد الزعماء الصهيونيين تطرفا‏,‏ او لأن زوجته سارة تكاد تكون من الطينة او العجينة ذاتها‏,‏ ولكن لانه أمضي حياته السياسية حتي جاوز الستين‏,‏ وهو يعارض قيام الدولة الفلسطينية من منطلق عقائدي‏,‏ ينكر علي الفلسطيينيين حقوقهم في أرضهم التي يعتبرها ارض اجداده واسلافه‏,‏ وعندما واتته الفرصة لتشكيل الحكومة الاسرائيلية للمرة الثانية قبل مايقرب من عامين‏,‏ حرص نيتانياهو علي تشكيل تحالف يضم كل صقور اليمين المتطرف‏,‏ علي حين كان في وسعه اختيار شركاء اقل عنصرية وتطرفا‏,‏ فقط ليؤكد التزامه بالاستمرار في بناء المستوطنات ورفضه الدولة الفلسطينية وقدرته علي رفض ضغوط الامريكيين‏!‏
وفضلا عن غروره الشديد وشخصيته الاستعراضية يكاد يكون نيتانياهو لزرابة لسانه وقوة حجته أكثر الزعماء الاسرائيليين قدرة علي التأثير في مواقف جماعات الضغط الصهيونية في الولايات المتحدة وتحريكها في الوقت الذي يشاء ضد الادارة الامريكية ان لم ترضخ لمطالبه وقد فعلها مع الرئيسين كلينتون وأوباما‏,‏ وهو الذي يروج لعدد من الافكار الخبيثة يطلقها كحقائق تنتشر علي كل لسان‏,‏ يساعده علي ذلك خبرته في التسويق والعلاقات العامة‏,‏ فهو الذي روج لمقولة عدم وجود طرف فلسطيني يشارك في عملية السلام‏,‏ ورفض استئناف المفاوضات من حيث انتهت المفاوضات السابقة بدعوي ضرورة ان تبدأ المفاوضات دون شروط مسبقة‏!‏ وهو يأتي الي التفاوض هذه المرة مستخدما كل مهاراته ليجعل من قضية امن اسرائيل ذريعة تبرر توسع اسرائيل علي حساب الارض الفلسطينية‏,‏ بحجة انها انسحبت من لبنان ولم تحصل سوي علي الارهاب وانسحبت من غزة لتصبح أقرب مرمي من صواريخ حماس والجهاد‏,‏ و هي لاتريد ان يتكرر ذلك في انسحابها من الضفة‏!‏
ويكاد يكون نيتانياهو هو الملك في اسرائيل الآن خلفا لشارون‏,‏ تزداد شعبيته وتترسخ سلطته القوية علي كل فرقاء تحالفه بمن في ذلك الاشد تطرفا ـ وقد لايكون هناك علي ساحة اسرائيل السياسية بديل سواه بسبب تمزق اليسار والضعف المتزايد لحزب العمل‏,‏ واضطراب صفوف حزب كاديما الذي ترأسه وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني‏..‏ والآن ثمة من يروجون في اسرائيل والولايات المتحدة لإمكانية ان يقود اليمين الاسرائيلي ممثلا في تحالف الليكود عملية السلام مرة ثانية كما فعل بيجين مع الرئيس السادات من خلال اتفاق سلام بين نيتانياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس‏,‏ كيف يحدث ذلك وأين تذهب أفكار نيتانياهو بكل تاريخه وماهي الدوافع التي تلزمه هذا التغيير‏,‏ وهل يمكن ان يتراجع الطبع لصالح التطبع؟‏!‏

الاهرام الخميس 30 من رمضان 1431 هـ 9 سبتمبر 2010 السنة 135 العدد 45202