في قضية الحد الأدني!
صفحة 1 من اصل 1
في قضية الحد الأدني!
لا أعرف ولا أظن أن أحدا يعرف الحيثيثات التي جعلت حكومة مصر تصر علي أن400 جنيه تمثل الحد الأدني المقبول للأجور الذي يمكن ان يستر عورة الفقير ويقيه مسغبة الجوع,
لا أكثر من ذلك. إن كان يعول ثلاثة أو أربعة صغار!.. وأظن أن الشرط الوحيد للحد الأدني كما يرد في كل قواميس حقوق الإنسان, أن يحفظ للإنسان بعض كرامته باعتباره إنسانا, يمنعه من ذل السؤال أو أن يبيع عرضه أو كرامته, ولهذا السبب وحده أشك كثيرا في أن يكون الذين فرضوا هذا الرقم قد فكروا في الأمر ولو لبضع دقائق, أو استندوا في تقديرهم له إلي أية دراسة متواضعة تضع في اعتبارها أن هذه الأسرة سوف تعيش علي الخبز الحاف وتشرب شايا مرة واحدة كل صباح, وتستهلك صابونة واحدة في الشهر, ويرتدي كل فرد منها هدمةلا يغيرها طول العام, ودعك من أية إضافات أخري يفرضها المرض أو سوء الصدف في الحياة!
وإذا كان الحد الأدني للأجور هو مجرد مؤشر يقل بعض الشيء عن حقيقة الأجر الفعلي الذي يتقاضاه أجير في سوق العمل يبيع قدرته العضلية فقط ولايملك شيئا من المهارات, فإن رقم400 جنيه يبدو وكأنه مخلوع من شجرة لاعلاقة له بتكاليف الحياة أو سوق العمل أو ضرورات العيش لأن أجر العامل الزراعي البسيط غير الماهر قد تجاوز الآن750 جنيها في الشهر, الأمر الذي يستوجب رفع الحد الأدني للأجر إلي مادون هذا الرقم بقليل, لأن الحد الأدني في مصر ليس مجرد مؤشر اقتصادي, ولكنه تقدير شبه رسمي تأخذ به الحكومة ويأخذ به القطاع الخاص دون اعتبار لقدرة هذا الدخل علي المحافظة علي إنسانية صاحبه!
صحيح أنه في كل المجتمعات يرتبط الأجر بالإنتاجية كما يرتبط بالتضخم وارتفاع معدلات الأسعار التي تتجاوز في مصر خاصة في سلع الغذاء معدلاتها العالمية لكن ثمة علاقة مهمة تربط بين الحد الأدني والحد الأعلي للأجور لايمكن إغفالها أو تجاهلها, تستوجب التقليل من حجم التفاوتات الشاسعة بين الأجور بما يضمن الحفاظ علي توازن المجتمع ويحفظ أمنه الاجتماعي ويصون نسيجه الواحد, ويؤكد احترام الدولة لأبسط حقوق مواطنيها.
الأهرام الأحد 7 نوفمبر 2010 السنة 135 العدد 45261
لا أكثر من ذلك. إن كان يعول ثلاثة أو أربعة صغار!.. وأظن أن الشرط الوحيد للحد الأدني كما يرد في كل قواميس حقوق الإنسان, أن يحفظ للإنسان بعض كرامته باعتباره إنسانا, يمنعه من ذل السؤال أو أن يبيع عرضه أو كرامته, ولهذا السبب وحده أشك كثيرا في أن يكون الذين فرضوا هذا الرقم قد فكروا في الأمر ولو لبضع دقائق, أو استندوا في تقديرهم له إلي أية دراسة متواضعة تضع في اعتبارها أن هذه الأسرة سوف تعيش علي الخبز الحاف وتشرب شايا مرة واحدة كل صباح, وتستهلك صابونة واحدة في الشهر, ويرتدي كل فرد منها هدمةلا يغيرها طول العام, ودعك من أية إضافات أخري يفرضها المرض أو سوء الصدف في الحياة!
وإذا كان الحد الأدني للأجور هو مجرد مؤشر يقل بعض الشيء عن حقيقة الأجر الفعلي الذي يتقاضاه أجير في سوق العمل يبيع قدرته العضلية فقط ولايملك شيئا من المهارات, فإن رقم400 جنيه يبدو وكأنه مخلوع من شجرة لاعلاقة له بتكاليف الحياة أو سوق العمل أو ضرورات العيش لأن أجر العامل الزراعي البسيط غير الماهر قد تجاوز الآن750 جنيها في الشهر, الأمر الذي يستوجب رفع الحد الأدني للأجر إلي مادون هذا الرقم بقليل, لأن الحد الأدني في مصر ليس مجرد مؤشر اقتصادي, ولكنه تقدير شبه رسمي تأخذ به الحكومة ويأخذ به القطاع الخاص دون اعتبار لقدرة هذا الدخل علي المحافظة علي إنسانية صاحبه!
صحيح أنه في كل المجتمعات يرتبط الأجر بالإنتاجية كما يرتبط بالتضخم وارتفاع معدلات الأسعار التي تتجاوز في مصر خاصة في سلع الغذاء معدلاتها العالمية لكن ثمة علاقة مهمة تربط بين الحد الأدني والحد الأعلي للأجور لايمكن إغفالها أو تجاهلها, تستوجب التقليل من حجم التفاوتات الشاسعة بين الأجور بما يضمن الحفاظ علي توازن المجتمع ويحفظ أمنه الاجتماعي ويصون نسيجه الواحد, ويؤكد احترام الدولة لأبسط حقوق مواطنيها.
الأهرام الأحد 7 نوفمبر 2010 السنة 135 العدد 45261
مكرم محمد احمد- عضو نشط
- عدد المساهمات : 169
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 89
المهنة : نقيب الصحفيين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى