التسريبات الأمريكية‏!‏

لا يبدو أن الدبلوماسية الأمريكية سوف تكون قادرة في المستقبل القريب علي أن تستعيد ثقة حكومات عديدة في العالم بعد نجاح موقع الكتروني علي شبكة الانترنت في اختراق شبكة مواصلات الخارجية الأمريكية مع معظم سفاراتها في العالم‏,
‏والكشف عن مئات الآلاف من الوثائق السرية التي تحوي خلاصة التقييم السري لسياسات دول صديقة وغريمة‏,‏ كما جاءت علي ألسنة ملوك ورؤساء دول ووزراء خارجية ومسئولين علي مستوي عال‏,‏ تكلموا بصراحة مطلقة مع دبلوماسيين أمريكيين‏,‏ وهم علي يقين من أن كلامهم سوف يبقي سرا عميقا لن يتم الكشف عنه إلا بعد عقود‏,‏ لكن موقع اويكيليكسب الالكتروني أذاع هذه الأسرار التي تتعلق بسياسات الصين والكوريتين وإسرائيل وإيران ودول الشرق الأوسط ودول أخري بينها تعليقات جد خاصة وشخصية تخص زعماء كبارا‏,‏ وتقارير عن الحالة العقلية لبعض الرؤساء‏,‏ ونصائح ورسائل تدخل في نطاق الأسرار العليا تتعلق بقضايا الحرب والسلام والتسلح النووي‏,‏ ورؤي جد خاصة لمسئولين كبار تخالف تماما ما يتحدثون به علي نحو علني‏,‏ وأسرار عن رشاوي وأموال مدفوعة لعملاء تم شراء ضمائرهم‏.‏
وبالطبع فإن من شأن إذاعة هذه التقارير أن تربك العلاقات الدولية وتخلق أزمات ثقة بين العديد من دول العالم‏,‏ وتجعل حكومات العالم أكثر حذرا في تعاملها مع الدبلوماسية الأمريكية التي لم تنجح في أن تصون خزائن معلوماتها السرية‏.‏
والمريب في الأمر أن أحدا لايعرف علي وجه الدقة الأسباب التي من أجلها يتم تسريب مئات الآلاف من الوثائق السرية تتعلق بمجمل العلاقات الدولية وتتجاوز كثيرا قضايا أفغانستان والعراق التي ربما يعتبرها البعض قضايا خلافية‏,‏ وأخطر ما في القضية محاولات إسرائيل استثمار ما حدث لصالحها وترويجها لتفسيرات خبيثة تهدف إلي إفساد العلاقات العربية العربية والعلاقات العربية الايرانية والعلاقات بين السنة والشيعة وبين العرب والأكراد والتشكيك في الحكام العرب بدعوي انهم يقولون في السر غير الذي يقولونه في العلن‏.‏

الأهرام الأربعاء 1 ديسمبر 2010 السنة 135 العدد 45285