أبو الغيط وتاوتشر‏!!

‏جاءت وكيلة الخارجية الأمريكية إيلن تاوتشر إلي القاهرة قادمة من اسرائيل خاوية الوفاض لأن الإسرائيليين رفضوا أن يقدموا أي تنازل صغير يستجيب لمطلب مصر بضرورة أن توقع اسرائيل اتفاقية حظر انتشار الأسلحة حتي تتحقق عالمية المعاهدة‏.
أو تؤكد حسن نياتها ورغبتها في التعاون مع مشروع إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الذي تطالب مصر بضرورة وجود جدول زمني لإدخاله حيز التنفيذ‏,‏ ومع ذلك كانت تاوتشر لاتزال تأمل في تطويع موقف الخارجية المصرية وإقناع الوزير أبو الغيط بأن الملف الإيراني هو الأولي بالرعابة لأنه يشكل تهديدا حالا لا يحتمل التأخير‏.‏
ووفقا لما جاء في برقية السفيرة الأمريكية في القاهرة مارجريت سكوبي إلي الخارجية الأمريكية تلخيصا للحوار بين الوزير المصري والمسئولة الأمريكية تحدثت تاوتشر أولا عن تطلع واشنطن للتعاون مع مصر لحصار مخاطر حصول إيران علي قنبلة نووية مع ضيق الوقت‏,‏ وتزايد فرص طهران في الوصول إلي القنبلة‏..‏ لم يعترض الوزير أبوالغيط علي خطورة حصول إيران علي القنبلة‏,‏ بل اعتبر ذلك أمرا كارثيا لأنه سوف يدفع دول المنطقة إلي سباق التسلح النووي‏,‏ ويعصف بسلام الشرق الأوسط واستقراره‏,‏ لكنه كان صريحا وواضحا عندما أكد لتاوتشر أن مصر لا تستطيع أن تمارس ضغوطا علي إيران‏,‏ بينما تسكت علي تفرد اسرائيل بامتلاك ترسانة أسلحة نووية لا تخضع للتفتيش الدولي‏,‏ وأن المهم بالنسبة لمصر أن يدفع الجميع باتجاه تنفيذ مشروع إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل‏,‏ وتفي واشنطن بوعودها حول ضرورة وجود برنامج زمني لتنفيذ المشروع‏.‏
وعندما حاولت تاوتشر التأكيد علي أولوية الخطر الإيراني لأن الوقت جد محدود‏,‏ ولأن ترسانة إسرائيل النووية لا تشكل من وجهة نظرها متغيرا جديدا لأنها موجودة منذ عشرات السنين‏,‏ كان الرد المصري بضرورة التركيز علي حق الجميع في الأمن وليس أمن إسرائيل وحدها‏.‏ وذلك لن يتأتي إلا بإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل‏.‏
غادرت تاوتشر القاهرة إلي باريس خالية الوفاض‏,‏ كما جاءت من اسرائيل‏,‏ يشغلها أمر واحد هو ضرورة العمل علي إضعاف دور الخارجية المصرية وتجاوز وزيرها حتي إن كان الثمن البحث عن حليف آخر غير مصر بين الدول غير المنحازة‏.‏

الأحد 12 ديسمبر 2010 السنة 135 العدد 45296