الأشرار الثلاثة‏!‏

اليمن قبل وحدته كان في الأصل يمنين‏,‏ يمن الشمال وعاصمته صنعاء الذي تسكن جباله مجموعات من القبائل المسلحة‏,‏ تمتهن الحرب والقتال‏,‏ وتعتنق المذهب الزيدي أحد فروع الشيعة‏,‏ باستثناء مناطق السهول خصوصا في تهامة
وجنوب تعز التي يسكنها الشوافع نسبة إلي المذهب الشافعي‏,‏ وجميعهم من أهل السنة يعملون بالزراعة والتجارة ويهاجرون وراء أرزاقهم الي معظم دول العالم‏.‏ ثم يمن الجنوب وعاصمته عدن الذي كان يخضع للاحتلال البريطاني إلي ان تمكن أبناؤه بمعونة أساسية من مصر من تحرير أراضيه‏,‏ وتشكيل جمهورية اليمن الجنوبي التي غلب علي حكمها مزيج من فكر اليسار المراهق وحركة القوميين العرب‏,‏ إلي ان نجح الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في مايو عام‏1990‏ في تحقيق حلم الوحدة الذي راود اليمنيين شمالا وجنوبا علي امتداد أجيال عديدة وسحب السجادة من تحت أقدام هؤلاء‏!‏
لكن اليمن شماله وجنوبه يمثل مشكلة صعبة لوعورة أرضه وجباله وفقر موارده وسكانه‏,‏ وتزايد النفوذ القبلي خصوصا في الشمال بسبب ظروف حرب تحريره‏,‏ التي احالت معظم مشايخ القبائل إلي أمراء حرب يملكون نفوذا هائلا وعتادا وسلاحا ضخما‏.‏
وعلي امتداد العقدين الماضيين كان اليمن هو الممر الذي يعبر منه الأفغان العرب ذهابا وإيابا إلي أفغانستان يجدون‏,‏ في ضيافة الشيخ الزنداني أحد شيوخ جماعة الإخوان المسلمين ملاذا آمنا‏,‏ وكانت القاهرة تذكر صنعاء‏,‏ دائما بخطورة الوحش الذي يكبر في ضيافة بعض قبائله‏,‏ لكن صنعاء لم تهتم كثيرا‏,‏ ويشكل تنظيم القاعدة في اليمن الآن أقوي تنظيمات هذه الجماعة خارج افغانستان وباكستان يضم ما يقرب من‏300‏ كادر ويقوده ثلاثة أشخاص‏,‏ كانوا من المعتقلين ضمن أكثر من‏100‏ يمني في سجن جوانتانامو‏,‏ وتم ترحيلهم الي اليمن عام‏2007,‏ لكنهم نجحوا في الهرب من سجون صنعاء وعدن في محاولتين جريئتين‏,‏ أولهم ناصر الوحيشي قائد التنظيم الموحد لليمن والجزيرة الذي كان سكرتيرا خاصا لـ بن لادن وثانيهم نائبه السعودي علي الشهري‏,‏ وثالثهم سليمان الربيشي مفتي التنظيم‏.‏
وتشير الدلائل إلي ان تنظيم القاعدة تحت قيادة هؤلاء الأشرار الثلاثة نجح في توسيع نطاق عملياته في الشمال‏,‏ وتمكن من مد نفوذه إلي عدن وكسب تعاطف الحركة الانفصالية في الجنوب‏,‏ وأصبح قاعدة للتدريب علي عمليات إرهاب دولية آخرها محاولة تفجير الطائرة الأمريكية فوق سماء ديترويت ليلة عيد الميلاد من خلال شاب نيجيري اسمه عمر الفاروق‏,‏ تدرب علي هذه المهمة في اليمن‏,‏ ونجح في اختراق كل حواجز الأمن وصولا إلي الطائرة‏,‏ ولهذا السبب قرر الرئيس أوباما أن يفتح في اليمن جبهة حرب ثانية علي الإرهاب‏.‏

الاهرام الخميس 21 من محرم 1431 هــ 7 يناير 2010 السنة 135 العدد 44957