انفصام إسرائيلي‏!‏

لست أشك في أن غالبية العرب‏,‏ حكومات وشعوبا‏,‏ وصلوا الصصي اقتناع كامل بأن طريق السلام مع حكومة بنيامين نيتانياهو مسدود مسدود‏,‏
لن يحقق للفلسطينيين أي تقدم حقيقي حتي إن خلعت حكومة الرئيس محمود عباس كافة ملابسها قطعة قطعة أملا في إرضاء الإسرائيليين‏,!..,‏ ولست أشك أيضا في أن غالبية العرب‏,‏ حكومات وشعوبا‏,‏ قد أدركوا أخيرا أن الموقف الأمريكي في ظل إدارة أوباما ليس أكثر من طق حنك في الفراغ كما يقولون‏,‏ لا يقدر علي إلزام إسرائيل نيتانياهو بأية خطوة جادة علي طريق التسوية‏!,‏ علي العكس فإن الواضح لكل العيان أن الإسرائيليين يثبتون دائما قدرتهم علي إلزام الأمريكيين بابتلاع الوعود التي أطلقها رئيسهم‏..,‏ ولهذا السبب هبطت مصداقية الموقف الأمريكي إلي الحضيض‏,‏ بصورة تجعل عودة الثقة بالموقف الأمريكي أمرا غير محتمل‏,‏ إلا أن تنهض الإدارة الأمريكية من عثرتها تحت ضغوط مصالحها في المنطقة‏,‏ بحيث تلتزم بسياسات أكثر قوة تدفع إسرائيل الي قبول شروط التسوية العادلة التي تضمن قيام الدولة الفلسطينية علي أرض الضفة والقطاع عاصمتها القدس الشرقية في إطار جدول زمني معلن لا يتجاوز تنفيذه فترة عامين‏,‏ أو تتخذ موقفا أكثر قوة من حكومة بنيامين نيتانياهو يلزمها أن تغادر الحكم لصالح ائتلاف جديد أكثر مرونة يفتح طريق التسوية المغلق‏,‏ كما فعل الرئيس كلينتون عام‏1995,‏ وهو أمر بعيد الاحتمال يتطلب تنفيذه زمنا يصعب حسابه لأن حكومة نيتانياهو تحظي بمساندة قوية من جانب غالبية الاسرائيليين الذين يعانون من إفصام حقيقي يجعلهم يضعون نصف عيونهم علي الجنة ونصف عيونهم علي النار‏,‏ يأملون في أن يساعدهم نيتانياهو علي سرقة ماتبقي من أرض الضفة إضافة الي القدس الشرقية‏,‏ ويخشون في الوقت نفسه أن تتسبب سياساته في ضياع فرصة تاريخية لمصالحة متوازنة مع العرب تبدو أمرا محتملا‏.‏
ورغم أن العرب جميعا‏,‏ معتدلين وممانعين‏,‏ يحسون حاجتهم الي سياسات وخطط بديلة‏,‏ بعد أن وصلت جهود الأمريكيين الي خط النهاية‏,‏ ويشغلون أنفسهم الآن بمناقشة هذه البدائل في السر والعلن بما في ذلك قضية الحرب والسلام إلا أن الطريق الي تحقيق وفاق عربي حول خطة عربية واحدة يجمع عليها العرب‏,‏ لايزال صعبا تعترضه مشكلات وعوائق كثيرة‏.‏


الأهرام الأحد 19 ديسمبر 2010 السنة 135 العدد 45303