من يملأ فراغ السلطة؟

لم يكن الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي موفقا في خطابه الي الشعب التونسي الذي أعقب خروج المتظاهرين الي الشوارع‏,‏ عندما لم ير في مظاهرات الشباب التونسي سوي عمل قلة إرهابية منظمة‏!.
وتعامل مع المتظاهرين بقسوة بالغة الي حد أن قناصة الأمن إعتلوا أسطح وزارة الداخلية لكي يصطادوا أبرز الناشطين المتظاهرين علي إمتداد شارع بورقيبة‏,‏ حيث احتشد ما يقرب من‏01‏ آلاف شاب‏,‏ استمرارا لسياسات الإنكار التي تجاهلت وجود شرخ عريض يفصل بين نظام الحكم وبين الأجيال التونسية الجديدة‏,‏ وحصرت ردود أفعالها في إغلاق مواق الإنترنت والتضييق علي حرية التعبير دون أي جهد لمخاطبة مشاكل هذه الأجيال‏.‏
وعندما رفع المتظاهرون سقف مطالبهم الاقتصادية المتعلقة بمشكلة البطالة الي حد المطالبة بتغيير نظام الحكم وإقصاء الرئيس بن علي‏,‏ لم يكن يدخل في حساب أحد أن الأحداث سوف تتسارع في زمن قصير الي حد يجبر الرئيس علي الرحيل‏!‏
وبرغم أن بن علي كان يتمتع بمساندة قوية من جانب الغرب‏,‏ خاصة فرنسا والولايات المتحدة‏,‏ لأن نظامه كان بمثابة حائط صد ضد قوي التطرف إلا أن الغرب سرعان ما رحب برحيله اعترافا بالأمر الواقع‏,‏ واعتبر ساركوزي الرئيس التونسي ضيفا غير مرحب بقدومه الي فرنسا خوفا من غضب الجالية التونسية الضخمة في فرنسا‏,‏ في الوقت الذي رحب فيه الرئس أوباما بهذا التصميم الشجاع من جانب الشعب التونسي علي التمسك بمطالبه‏,‏ داعيا الي انتخابات حرة تلبي طموحات الشعب التونسي‏.‏
ولا يختلف أحد علي حجم الفراغ الكبير الذي تركه رحيل بن علي‏,‏ خاصة أن نظامه الذي استحوذ علي كل المؤسسات لم يترك علي الساحة السياسية أي لاعبين حقيقيين يشاركون في الانتخابات التي سوف تجري بعد‏06‏ يوما يمكن الاطمئنان لنجاحهم‏,‏ برغم إتساع حجم الطبقة الوسطي وزيادة نسب المتعلمين والارتفاع النسبي في مستويات الحياة‏.‏
وبسبب خلو الساحة من اللاعبين يبدو فراغ السلطة مخيفا يبعث علي الخوف مع تزايد عمليات النهب والسلب في المدن التونسية والقلق المتزايد من أن تحاول بعض جماعات الإسلام السياسي ملء فراغ السلطة‏,‏ وإن كان الكثيرون يعلقون آمالهم علي قدرة المجتمع المدني التونسي علي استثمار الظروف الراهنة لبناء نظام ديمقراطي صحيح‏,‏ يلبي طموحات الشعب التونسي‏,‏ ويحافظ علي السياحة المصدر الأساسي لحياة التونسيين‏.‏


الأهرام الثلاثاء 18 يناير 2011 السنة 135 العدد 45333