الانتقال السلس للسلطة‏!‏

لا يبدو أن هناك طريقا آخر للانتقال السلس للسلطة‏,‏ يخرج الوطن من أزمته الراهنة ويقطع الطريق علي من يريدون تدمير مقدراته‏,‏ ويفشل خطط المتربصين الذين يتوهمون أن الثمرة سوف تقع في جحورهم ليقيموا حكما دينيا‏,‏
سوي أن تتوافق القوي الوطنية الشرعية في حوارها الوطني المرتقب الذي يقوده نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان علي عدد من المبادئ الأساسية‏:‏
أولها الاعتراف بمشروعية التطلعات والمطالب التي خرج من أجلها شباب مصر إلي ميدان التحرير‏,‏ وأظن أن هذا الاعتراف أصبح دينا في عنق الجميع‏,‏ ابتداء من الرئيس إلي كل المؤسسات‏,‏ وثانيها التمسك بالشرعية الدستورية مع إقرار كل القوي الوطنية بأن الحكم في مصر لا يمكن أن يورث أو يخلد‏,‏ وأن انتقال السلطة ينبغي أن يتم عبر انتخابات نزيهة تجري تحت إشراف القضاء‏,‏ وأن الأمر يتطلب تغييرا دستوريا عاجلا يضمن أن تجري انتخابات الرئاسة المقبلة بين عدد من المرشحين يفاضل بينهم الشعب في انتخابات نزيهة مع تحديد مدة الرئاسة بما لا تتجاوز فترتين‏,‏ وثالثها تأكيد احترام حرية الرأي والتعبير في إطار دولة مدنية تؤكد أن الأمة هي مصدر السلطات‏,‏ وتحترم حقوق المواطنة‏,‏ وتلتزم بشروط الدولة القانونية التي تسري علي كل الأفراد وجميع المؤسسات دون استثناء‏,‏ ورابعها إصلاح المؤسسات والمجالس النيابية والشعبية من خلال نظام انتخابي جديد يأخذ بالقائمة النسبية‏,‏ يتيح لكل الأحزاب والقوي السياسية فرص التمثيل في البرلمان كل وفق حجمه ويساعد علي تمثيل المرأة والشباب والأقباط‏,‏ وخامسها صياغة محفزات الاقتصاد الوطني بما يحافظ علي قدرته علي جذب الاستثمارات مع توسيع شبكة الأمان الاجتماعي من خلال سياسات جديدة توازن بين الأجور والأسعار‏.‏
وفي ظني أن الحوار الوطني لابد أن يتسع ليشمل إلي جوار كل القوي السياسية الشخصيات العامة المهتمة بالشأن العام وحكماء الأمة وعلماءها ومفكريها الذين لا يختلف أحد علي رجاحة قصدهم الوطني‏,‏ وبسبب وجود أزمة ثقة عميقة بين أطراف المعادلة الوطنية‏,‏ ربما يكون ضروريا توثيق نتائج مقررات الحوار الوطني في إعلان سياسي يلزم كل القوي والمؤسسات الوطنية‏,‏ ومن البديهي أيضا أن هذا الحوار لا يمكن أن يؤتي ثماره إلا إذا تحقق أمن الوطن والمواطن وتكاتف الجيش والشعب والشرطة علي إنهاء حالة الترويع التي يعيشها الوطن في أسرع وقت ممكن‏,‏ لكن الدرس الأخير المستفاد من انتفاضة الشباب المصري يقول بكل وضوح‏:‏ إن المصريين يستحقون ديمقراطية مكتملة‏,‏ وأن عجلة الإصلاح السياسي لابد أن تدور علي نحو أكثر سرعة‏.‏


الأهرام الأربعاء 2 فبراير 2011 السنة 135 العدد 45348