توازن حرج وموقوت!
صفحة 1 من اصل 1
توازن حرج وموقوت!
هل يمكن لمصر أن تظل عالقة طويلا في هذا الموقف ـ الأزمة ـ الذي يكاد يشطرها إلي نصفين, يتعذر علي الحوار الوطني حتي الآن أن يمد جسور الفهم المتبادل بينهما,
كي يصل الجميع إلي وفاق وطني حول سبل الخروج من الأزمة, يوفر علي كل الأطراف مغبة فتنة كبري, يمكن أن تؤدي إلي صدام مروع يدفع فيه المصريون ثمنا باهظا.
لقد قدم الشاب المصري وائل غنيم شهادة أمينة خالصة الصدق كان يمكن أن تعطينا مخرجا صحيحا من الأزمة الراهنة, لأنه اثبت بلغة بسيطة ومباشرة صدق وشرف المسعي الوطني الذي خرج من أجله شباب52 يناير, تعبيرا عن رغبة حقيقية في حكم ديمقراطي يعيد للإنسان وللشباب المصري حقوقه وكرامته, كما أثبت بصورة قاطعة أنه لمس في تعامله مع أجهزة الدولة, وهو رهن التحقيق والاعتقال, تغييرا حقيقيا في علاقة الدولة بالوطن تمثل في سقوط لغة التعامل الفوقية والاستعلاء واحترام حقوق الإنسان, جعله يجلس إلي وزير الداخلية في مكتبه رجلا لرجل دون إكراه أو إذعان, كما لمس من جانب من حققوا معه قلقا وطنيا مشروعا يريد أن يطمئن علي مصرية حركة52 يناير التي فاق أعداد المشاركين فيها كل توقعات أجهزة الدولة, لكن وائل أكد في ختام شهادته خطر المواقف الايديولوجية المسبقة وطموح بعض الذين يريدون ركوب الموجة ويتقاسمون الكعكة علي هذا الإنجاز الضخم الذي حققه الشباب المصري, مؤكدا أهمية تكاتف الجميع للخروج من هذه الأزمة.
والواضح من استمرار الفجوة بين الموقفين, برغم فداحة الخسائر التي تتكبدها مصر كل يوم, وبرغم حالة السيولة المخيفة التي تسيطر علي الحال المصري, أن الأمر أكبر من أن يكون مجرد أزمة ثقة يمكن عبورها من خلال المزيد من الضمانات, لأن كلا من الطرفين يتمسك بموقفه ويعتقد أنه يلتزم الموقف الصحيح وينطق باسم مصر ويعبر عن المصلحة العليا للبلاد, دون مؤشرات واضحة تؤكد أن إحدي الكفتين يمكن أن ترجح الكفة الأخري في المستقبل القريب, مع ضرورة الإقرار بتزايد حجم المتعاطفين مع ما يجري في ميدان التحرير.
وربما يكون من الضروري أيضا, أن نمعن النظر في تأكيدات نائب رئيس الجمهورية أمس الأول بأن القوات المسلحة, التي يعتبرها كل مصري جزءا من فخاره الوطني, ملتزمة بالشرعية الدستورية الراهنة كما أنها ملتزمة بضمان تحقيق الأهداف المشروعة التي رفعتها حركة52 يناير, لكنها لن تقبل المساس بواحد من أهم ابطال حرب اكتوبر بقدر التزامها بالحفاظ علي أمن المتظاهرين وعدم التورط في أي صدام مع المرابطين في ميدان التحرير.
لكن السؤال المهم هنا, إلي متي يمكن أن تستمر حالة التوازن الحرج القائمة الآن بسبب الالتزامات الثلاثة التي قدمتها القوات المسلحة, إن تعثر حصول وفاق وطني يساعد علي الخروج من الأزمة سريعا في ظل ضجر الشعب المصري المتزايد من وقف الحال, وحالة السيولة الشديدة في الحراك المصري, وتقلب مزاج الشارع المصري المستمر من حال إلي حال ؟! ثم ما هي الضمانات التي تحول دون اندلاع شرارة تدمر هذا التوازن الحرج بسبب صدفة سيئة ربما تؤدي إلي وقوع صدام أهلي لا أحد يمكن أن يعرف مداه, أو بفعل فاعل يستثمر الظروف الراهنة لإحداث انقلاب يعيدنا إلي المربع رقم واحد, لم يستبعد خطر قيامه نائب رئيس الجمهورية أمس الأول!.
وما يزيد من تعقيد الموقف إصرار البعض علي تدمير كل شئ تباعا بدعوي إسقاط كل أركان النظام وبدء مرحلة انتقالية جديدة في شخوصها وأهدافها برغم المخاطر العديدة التي يمكن أن تدخل مصر في متاهة لا كاشف لها من دون الله, بسبب غياب قوة بديلة رشيدة جاهزة تستطيع السيطرة علي الموقف وتعدد أجندات القوي والأحزاب السياسية التي تريد أن تركب موجة التغيير دون أن تتوافق علي الحد الأدني من المصلحة الوطنية, علي حين تتوافر علي الناحية الأخري ضمانات تحقيق تغيير منظم يغلق طريق الفوضي ويبني علي ما تحقق بالفعل بعد52 يناير من خلال الإسراع بخطوات الانتقال الآمن للسلطة, والنقل التدريجي لجزء من سلطات الرئيس التنفيذية إلي نائبة وإلي رئيس الوزراء كي يتسارع صدور القرارات التنفيذية, وقبول كل الأطراف الرهان علي خيار ديمقراطي صحيح, هو وحده الذي يضمن استقرار مصر الجديدة التي خرجت من رحم أحداث52 يناير, وإذا كان الحكم يبدي استعداده الآن لإنهاء حالة الطوارئ فور تحسن الظروف الأمنية, فلماذا لا نجعل إنهاء حالة الطوارئ الجائزة الكبري لكل المصريين يوم خروج الشباب من ميدان التحرير لعل ذلك يصبح نقطة لقاء لكل الأطراف... لكن من الضروري أن يسبق ذلك قرار عاجل وفوري يصدره رئيس مجلس الوزراء يلزم جميع أجهزة الضبط والتحقيق إخطار النائب العام بأسماء من يتم إعتقالهم وتوقيفهم وإخطار ذويهم بعد وقت محدد من الضبط, ويلزم وزارة العدل تقديم مشروع قانون عاجل يعتبر الإخفاء القسري للأشخاص جريمة تعذيب لا تسقط بالتقادم حتي يتأكد الشعب أن الحكم يلتزم بحقوق الإنسان ويتعلم من أخطائه>
الأهرام الخميس 10 فبراير 2011 السنة 135 العدد 45356
كي يصل الجميع إلي وفاق وطني حول سبل الخروج من الأزمة, يوفر علي كل الأطراف مغبة فتنة كبري, يمكن أن تؤدي إلي صدام مروع يدفع فيه المصريون ثمنا باهظا.
لقد قدم الشاب المصري وائل غنيم شهادة أمينة خالصة الصدق كان يمكن أن تعطينا مخرجا صحيحا من الأزمة الراهنة, لأنه اثبت بلغة بسيطة ومباشرة صدق وشرف المسعي الوطني الذي خرج من أجله شباب52 يناير, تعبيرا عن رغبة حقيقية في حكم ديمقراطي يعيد للإنسان وللشباب المصري حقوقه وكرامته, كما أثبت بصورة قاطعة أنه لمس في تعامله مع أجهزة الدولة, وهو رهن التحقيق والاعتقال, تغييرا حقيقيا في علاقة الدولة بالوطن تمثل في سقوط لغة التعامل الفوقية والاستعلاء واحترام حقوق الإنسان, جعله يجلس إلي وزير الداخلية في مكتبه رجلا لرجل دون إكراه أو إذعان, كما لمس من جانب من حققوا معه قلقا وطنيا مشروعا يريد أن يطمئن علي مصرية حركة52 يناير التي فاق أعداد المشاركين فيها كل توقعات أجهزة الدولة, لكن وائل أكد في ختام شهادته خطر المواقف الايديولوجية المسبقة وطموح بعض الذين يريدون ركوب الموجة ويتقاسمون الكعكة علي هذا الإنجاز الضخم الذي حققه الشباب المصري, مؤكدا أهمية تكاتف الجميع للخروج من هذه الأزمة.
والواضح من استمرار الفجوة بين الموقفين, برغم فداحة الخسائر التي تتكبدها مصر كل يوم, وبرغم حالة السيولة المخيفة التي تسيطر علي الحال المصري, أن الأمر أكبر من أن يكون مجرد أزمة ثقة يمكن عبورها من خلال المزيد من الضمانات, لأن كلا من الطرفين يتمسك بموقفه ويعتقد أنه يلتزم الموقف الصحيح وينطق باسم مصر ويعبر عن المصلحة العليا للبلاد, دون مؤشرات واضحة تؤكد أن إحدي الكفتين يمكن أن ترجح الكفة الأخري في المستقبل القريب, مع ضرورة الإقرار بتزايد حجم المتعاطفين مع ما يجري في ميدان التحرير.
وربما يكون من الضروري أيضا, أن نمعن النظر في تأكيدات نائب رئيس الجمهورية أمس الأول بأن القوات المسلحة, التي يعتبرها كل مصري جزءا من فخاره الوطني, ملتزمة بالشرعية الدستورية الراهنة كما أنها ملتزمة بضمان تحقيق الأهداف المشروعة التي رفعتها حركة52 يناير, لكنها لن تقبل المساس بواحد من أهم ابطال حرب اكتوبر بقدر التزامها بالحفاظ علي أمن المتظاهرين وعدم التورط في أي صدام مع المرابطين في ميدان التحرير.
لكن السؤال المهم هنا, إلي متي يمكن أن تستمر حالة التوازن الحرج القائمة الآن بسبب الالتزامات الثلاثة التي قدمتها القوات المسلحة, إن تعثر حصول وفاق وطني يساعد علي الخروج من الأزمة سريعا في ظل ضجر الشعب المصري المتزايد من وقف الحال, وحالة السيولة الشديدة في الحراك المصري, وتقلب مزاج الشارع المصري المستمر من حال إلي حال ؟! ثم ما هي الضمانات التي تحول دون اندلاع شرارة تدمر هذا التوازن الحرج بسبب صدفة سيئة ربما تؤدي إلي وقوع صدام أهلي لا أحد يمكن أن يعرف مداه, أو بفعل فاعل يستثمر الظروف الراهنة لإحداث انقلاب يعيدنا إلي المربع رقم واحد, لم يستبعد خطر قيامه نائب رئيس الجمهورية أمس الأول!.
وما يزيد من تعقيد الموقف إصرار البعض علي تدمير كل شئ تباعا بدعوي إسقاط كل أركان النظام وبدء مرحلة انتقالية جديدة في شخوصها وأهدافها برغم المخاطر العديدة التي يمكن أن تدخل مصر في متاهة لا كاشف لها من دون الله, بسبب غياب قوة بديلة رشيدة جاهزة تستطيع السيطرة علي الموقف وتعدد أجندات القوي والأحزاب السياسية التي تريد أن تركب موجة التغيير دون أن تتوافق علي الحد الأدني من المصلحة الوطنية, علي حين تتوافر علي الناحية الأخري ضمانات تحقيق تغيير منظم يغلق طريق الفوضي ويبني علي ما تحقق بالفعل بعد52 يناير من خلال الإسراع بخطوات الانتقال الآمن للسلطة, والنقل التدريجي لجزء من سلطات الرئيس التنفيذية إلي نائبة وإلي رئيس الوزراء كي يتسارع صدور القرارات التنفيذية, وقبول كل الأطراف الرهان علي خيار ديمقراطي صحيح, هو وحده الذي يضمن استقرار مصر الجديدة التي خرجت من رحم أحداث52 يناير, وإذا كان الحكم يبدي استعداده الآن لإنهاء حالة الطوارئ فور تحسن الظروف الأمنية, فلماذا لا نجعل إنهاء حالة الطوارئ الجائزة الكبري لكل المصريين يوم خروج الشباب من ميدان التحرير لعل ذلك يصبح نقطة لقاء لكل الأطراف... لكن من الضروري أن يسبق ذلك قرار عاجل وفوري يصدره رئيس مجلس الوزراء يلزم جميع أجهزة الضبط والتحقيق إخطار النائب العام بأسماء من يتم إعتقالهم وتوقيفهم وإخطار ذويهم بعد وقت محدد من الضبط, ويلزم وزارة العدل تقديم مشروع قانون عاجل يعتبر الإخفاء القسري للأشخاص جريمة تعذيب لا تسقط بالتقادم حتي يتأكد الشعب أن الحكم يلتزم بحقوق الإنسان ويتعلم من أخطائه>
الأهرام الخميس 10 فبراير 2011 السنة 135 العدد 45356
مكرم محمد احمد- عضو نشط
- عدد المساهمات : 169
تاريخ التسجيل : 10/10/2010
العمر : 89
المهنة : نقيب الصحفيين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى