القذافى يتحصن فى طرابلس

يزداد الموقف في ليبيا قسوة وصعوبة‏,‏ فعلي حين يحاول القذافي وأولاده الستة ـ الذين يقودون أكثر كتائب الجيش الليبي جاهزية وقدرة ـ إحكام قبضتهم علي العاصمة طرابلس‏,‏
يطوقونها من الخارج ويرهبونها علي مدار الساعة من خلال حملات المرتزقة الأفارقة التي تجوب الشوارع وتسيطر علي ساحات المدينة وطرقها العلوية‏,‏ يحكم الثوار قبضتهم علي كل أرجاء المنطقة الشرقية ابتداء من مساعد علي الحدود المصرية إلي مدينة بنغازي علي مسافة‏056‏ كيلومترا من طرابلس العاصمة‏,‏ ويحاولون تسيير الحياة هناك من خلال لجانهم الشعبية‏.‏
وبرغم سقوط بعض المدن في المنطقة الغربية شرق وغرب العاصمة طرابلس‏(‏ زوارة ومصراتة‏)‏ في يد الثوار بعد معارك دامية مع أنصار العقيد إلا أن كتائب أولاد القذافي تحاصرها من الخارج‏,‏ بينما يقبع غالبية سكان العاصمة داخل بيوتهم يعتصرهم الخوف والقلق من حملات المرتزقة التي تتواصل في الشوارع‏,‏ والواضح أن العقيد القذافي يصر علي أن يحارب إلي آخر قطرة وآخر طلقة من أجل الحفاظ علي سيطرته علي طرابلس إلي أطول أمد زمني ممكن‏,‏ خاصة انه لايزال يتحكم في جزء مهم من قوات الجيش‏,‏ لعل ذلك يساعده علي إجهاض الثورة‏,‏ ويمكنه من عملية إبادة واسعة للثوار إن فكروا في الزحف علي العاصمة طرابلس لإسقاط حكمه‏.‏
ولايفكر العقيد الآن في محاولة استعادة المنطقة الشرقية بعد أن فشلت محاولته استخدام البحرية والطيران لقصف مدينة بنغازي‏,‏ وهربت طائرتان إلي مالطا رفضتا القيام بالمهمة‏,‏ واضطر اثنان آخران من الطيارين إلي الهبوط بمظلتيهما في الصحراء وأعلنا انضمامهما للثوار‏,‏ لكنه ربما يعاود المحاولة إن نجح في تثبيت سيطرته علي المنطقة الغربية‏,‏ ولهذا يطالب الثوار المجتمع الدولي بضرورة استصدار قرار من مجلس الأمن يفرض الحظر الجوي الشامل علي الأجواء الليبية لمنع القذافي من معاودة قصف شعبه‏.‏
والواضح أن العقيد ـ الذي ذهب في مواجهة شعبه إلي آخر مدي وحاربه بضراوة‏,‏ دون أن يلقي بالا إلي المجتمع الدولي أو يحفل بالعقوبات التي يمكن أن تصدر عن مجلس الأمن ـ سوف يخوض الشوط إلي نهايته قبل أن يفكر في إعلان تنحيته عن الحكم‏,‏ ولايختلف كثيرا عن ذلك موقف الشعب الليبي الذي يعرف جيدا أنه سوف يتعرض لانتقام غادر من العقيد إن استعاد فرصة الحكم‏,‏ بما يؤكد أن المواجهة بين القذافي وشعبه سوف تستمر إلي نهايتها المحتومة‏,‏ وأن الشعب سوف ينتصر في النهاية علي جلاده‏,‏ وأن القذافي وأولاده الستة سوف يلقون مصيرا بائسا‏.‏



الأهرام الأحد 27 فبراير 2011 السنة 135 العدد 45373