وحيد حامد

تتداول السوق هذه الأيام عملات زائفة كثيرة يبرق لمعانها كذبا لكنها صكت من صفيح‏,‏ جوهرها النفاق والكذب وإدعاء البطولة وإقامة محاكم التفتيش وتخوين الآخرين‏,‏ والحرص علي تفتيت قوي الشعب بين أصدقاء الثورة وأعدائها‏.
والمزايدة علي الجميع والتغافل عمدا عن مخاطر عديدة تحدق بالوطن‏,‏ تهدد أمنه الداخلي وتعصف بأمن كل أسرة وأمان كل مواطن‏.‏
وتبتز أمنه الخارجي علي حدوده الشرقية‏,‏ وفي عمق حوض النيل‏,‏ لكن السوق تتداول أيضا عملات من ذهب حقيقي‏,‏ يبرز معدنها الأصيل ساعة الخطر‏,‏ تمتلك شجاعة أن تدافع عن الموقف الصحيح ضد تيار النفاق وأدعياء البطولة الزائفة‏,‏ تقول الحق وإن كره الكارهون‏.‏
علي رأس هؤلاء يقف الكاتب والروائي المجيد وحيد حامد شامخا وسط الأزمة يرفض الزيف والكذب‏,‏ يواجه ثورة الشباب بأخطائها‏,‏ ويحذرها من أن تتحول إلي مسخ فوضوي يفرض سطوته علي كل إرادة واعية‏,‏ وينقل إلي أبنائها الراشدين حقيقة مشاعر المصريين الذي لن يصبروا علي حالة الجمود والركود التي أصابت سوق العمل والتجارة والصناعة‏,‏ ولن يصبروا علي حالة الاكتئاب التي فرضت نفسها علي الجميع حتي ضاقت النفوس بما تري وتسمع وتعيش بعد أن أصبح الخط المستقيم متعرجا ملتويا‏,‏ بينما ينطلق الغوغاء في ربوع مصر سلبا ونهبا وترويعا‏,‏ لأن حفنة من النرجسيين لم يفرقوا بين ضرورات سقوط النظام وخطورة سقوط الدولة‏,‏ تريدأن تهدم كل شئ‏,‏ الأمن والشرطة والنظام العام وحكم القانون وأصول الأشياء‏,‏ بدعوي أن الثورة منقطعة الصلة بواقع مصر‏,‏ ولدت دون جذور‏,‏ وأن أولي مهامها أن تهدم كل شئ‏,‏ تمعن في تصوير الشرطة علي أنها العدو‏,‏ وتكسر عظامها لصالح شيوع الجريمة دون أن تحسن التفرقة بين قيادات أساءت استخدام السلطة تستحق المساءلة يجري حسابها الآن وجموع تؤدي واجبها بشرف وأمانة‏.‏
وما يزيد من قيمة كتابات وحيد حامد أنها تشق وسط ركب النفاق طريقا صحيحا يتجاوب مع نبض جماهير المصريين الذين احتضنوا الثورة ورأوا فيها فخار وطنهم لأنهم أدركوا براءتها ونقاءها وصدق توجهها نحو وطن ديمقراطي تتنوع فيه الأزهار وتزدهر الأفكار رغما عن حفنة من المغامرين تصر علي الخطأ‏,‏ وترفض كل رأي آخر‏,‏ يبرق لمعانها كذبا لكنها صكت من صفيح‏.‏

الثلاثاء 3 ربيع اخر 1432 هـ 8 مارس 2011 السنة 135 العدد 45382