قرار يتطلب الإجماع‏!‏

في سابقة لم تحدث من قبل‏,‏ أسقطت الجامعة العربية شرعية حكم العقيد القذافي بسبب الممارسات الوحشية التي يرتكبها ضد شعبه‏,‏ مطالبة مجلس الأمن بالإسراع بفرض حظر جوي علي المجال الليبي‏.
يمنع القذافي من مواصلة استخدام سلاحه الجوي ضد شعبه وضد الحكومة الشرعية التي شكلها الثوار في بنغازي‏.‏
وبصدور هذا القرار الذي كانت تطالب به واشنطن لضمان قانونية فرض الحظر لم يعد هناك مبررات لتلكؤ الإدارة الأمريكية في فرض الحظر‏,‏ الذي يحظي بمساندة أوروبية واسعة بعد أن قصفت طائرات العقيد بوحشية بالغة مدن الزاوية ومصراتة في الغرب ورأس لانوف في المنطقة الشرقية‏,‏ وتمكنت من إجلاء الثوار الليبيين عن المواقع الاستراتيجية الثلاثة التي كانت تحت سيطرتهم‏,‏ بعد مذابح دامية سقط خلالها العشرات من القتلي والجرحي‏.‏
وبرغم أن أمين الجامعة العربية عمرو موسي اعتبر فرض الحظر مطلبا إنسانيا لحماية الشعب الليبي وليس عملا عسكريا أو تدخلا أجنبيا في الشأن الليبي‏,‏ تعترض سوريا والجزائر علي القرار الذي ساندته السعودية وكل دول الخليج باعتباره‏,‏ علي حد تعبير الوزير العماني يوسف العلوي‏,‏ قرارا يخص ليبيا وحدها لا يشكل سابقة قابلة للتكرار‏!.‏
لقد كان الأفضل بالفعل أن يصدر مثل هذا القرار بإجماع كل الأعضاء‏,‏ وأن يلتزم معايير واحدة تدين كل الأنظمة التي تفرط في استخدام القوة ضد شعوبها‏,‏ تفاديا لمضاعفات صعبة يمكن أن تؤدي الي مزيد من انقسام العالم العربي‏,‏ خاصة أن واشنطن لا تزال غير متحمسة لفرض الحظر الجوي علي ليبيا‏,‏ بدعوي أنها عملية مكلفة تتطلب عملا عسكريا واسعا ضد طيران القذافي ودفاعاته الجوية‏,‏ وأنها تفضل الحفاظ علي الانتفاضة العربية باعتبارها صناعة عربية محلية‏,‏ ولأنها تريد من العرب خطوات أخري أبعد من مجرد تأييد قرار فرض الحظر‏,‏ تمكن طائرات الغرب من استخدام المطارات العربية القريبة كقواعد مؤقتة ينطلق منها فرض الحظر وتتم فيها عمليات الصيانة‏,‏ وما يزيد من حرج الموقف تأكيد المخابرات المركزية الأمريكية أن القذافي يمكن أن ينتصر علي الثوار‏,‏ إذا عجز المجتمع الدولي عن مد يد المساعدة لهم‏,‏ نظرا للفروق الواسعة بين القدرات العسكرية للجانبين‏...,‏ فهل يتخذ العرب خطوات أبعد لمساندة الثوار تضمن علي الأقل عدم اجتياح القذافي للمنطقة الشرقية؟‏!‏

الثلاثاء 10 من ربيع الاخر 1432 هـ 15 مارس 2011 السنة 135 العدد 45389