برغم التباس المفاهيم‏!‏

لا أعرف إن كان القائمون علي تحالف ثورة الشباب في مصر يدركون حجم المخاطر التي تهدد الزخم الشعبي الضخم الذي ساند ثورة‏52‏ يناير‏,‏
وتزايد فتور حماس أوساط مصرية عديدة, لا علاقة لها بفلول الحزب الوطني, تتبرم ضيقا من بعض الظاهرات والمفاهيم التي تسيطر علي عقول بعض شباب الثورة, أخطرها الإصرار علي رفض الرأي الآخر وإنكار وجوده, والاعتقاد المسبق بأنهم يحتكرون الحقيقة وأن ما يرونه فقط هو الصواب المطلق, وجسارة إصدار أحكام جائرة عامة, تطالب بالتغيير الجذري والفوري لكل مدراء الجامعات وعمداء الكليات ولجميع المحافظين والقائمين علي الحكم المحلي ومرافق المجتمع ومؤسساته, لمجرد أنهم عملوا في ظل النظام السابق, دون اعتبار لضرورات الواقع أو احترام لتلك القاعدة الذهبية في القانون التي تجرم إدانة متهم لم يثبت بالفعل أنه ارتكب ما يدينه!.
ولا أعرف مدي قدرة واستعداد هؤلاء الثوار لمراجعة بعض المفاهيم والأفكار التي تشيع الآن علي ألسنتهم, تحت دعاوي التطهير والاجتثاث وضرورة التمييز بين أصدقاء الثورة وأعدائها إلي آخر هذه القائمة من المعطيات الخاطئة التي تم تجربتها في مصر خلال فترة الستينيات, وأدت إلي قسمة القوي الوطنية إلي رجعيين وتقدميين وأصدقاء الثورة وأعدائها, وذاق مرارتها آلاف الأبرياء الذين دخلوا المعتقلات وتم تصنيفهم علي أنهم من أعداء الثورة أو من جماعة الإخوان, ثم تكشف بعد فوات الأوان خطأ هذا التصنيف الذي مزق وحدة الوطن وجعل الجميع يتشكك في الجميع.
وما يزيد من وطأة الإحساس بهذه المشاعر الملتبسة لدي كثيرين أصابهم الملل من كثرة ما يرون, غياب الاحترام للنظام العام, وإنتشار ظاهرة البلطجة وتوسعها في مجالات عديدة حتي وصلت إلي هذه الصورة البائسة التي شهدناها في استاد القاهرة, وتصاعد خطر ظاهرة التعصب الديني والسطوة المتزايدة لبعض الجماعات الدينية, وعدم توافر الانضباط الأمني برغم الظهور المتزايد للشرطة.... لكن ما ينبغي أن يعرفه ثوار52 يناير, برغم كل هذه الملاحظات أن مصر كلها تساند إلي آخر مدي مطلبهم العادل بضرورة مطاردة الفساد والفاسدين حتي لو سكنوا بروجا مشيدة, وضرورة التعجيل بكل الاجراءات التي تساعد مصر علي استعادة أموالها المنهوبة, والحساب العسير لكل من يثبت أنه سرق أموال الشعب أو فرط في حقوقه مهما يكن سابق مكانته.

الأهرام الخميس 7 ابريل 2011 السنة 135 العدد 45412