شرخ يصعب إصلاحه‏!‏

في محاولة جديدة لترميم الشرخ العميق الذي تعرضت له العلاقات التركية ـ الاسرائيلية منذ المناظرة الشهيرة التي جرت قبل عام في مؤتمر دافوس بين الرئيس الاسرائيلي شيمون بيريز ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والتي اتهم فيها أردوغان إسرائيل بممارسة القتل المتعمد للمدنيين الأبرياء خلال عدوانها علي قطاع غزة‏
يزور أنقرة هذا الاسبوع وزير الدفاع الاسرائيلي إيهود باراك علي أمل أن تبدأ الدولتان صفحة جديدة تعيد علاقات البلدين إلي سابق وضعها كحليفين استراتيجيين‏,‏ يشاركان في حلف الناتو وتجمعهما المظلة الأمريكية‏,‏ ويرتبطان بمعاهدة عسكرية مهمة تنظم تعاونهما في المجال العسكري‏,‏ وتمكن إسرائيل من استخدام المجال الجوي التركي في تدريب طيرانها العسكري‏.‏
وتأتي زيارة باراك بعد عدة أيام من الاعتذار المكتوب الذي اضطر دانيال إيلون مساعد وزير الخارجية الاسرائيلي الي تقديمه للسفير التركي عن الطريقة التي تعامل بها مع السفير عندما استدعاه الي مكتبه في الكنيست وليس في الخارجية الاسرائيلية ليقدم له احتجاجا علي إذاعة التليفزيون التركي لمسلسل عن أفعال إسرائيل في الأرض المحتلة عنوانه وادي الذئاب وتعتمد أن يجلس السفير أمامه علي مقعد أقل ارتفاعا من مقعده‏,‏ وأكد للمصورين داخل القاعة باللغة العبرية وفي حضور السفير أنه قصد من ترتيب اللقاء علي هذا النحو إظهار إسرائيل في الوضع الأعلي إزدراء لتركيا‏.‏
وبرغم أن التصريحات التي صدرت أخيرا عن أنقرة تؤكد أنها لا ترغب في توسيع خلافات مع إسرائيل ولا تفكر في تغيير سياساتها إزاء الدولة العبرية‏,‏ فإن الأمر الواضح أن إسرائيل لا تستريح لوجود حزب العدالة والتنمية الإسلامي في الحكم‏,‏ وتحاول الايقاع بينه وبين العسكريين الأتراك‏,‏ وتستخدم الجالية اليهودية التي تضم‏20‏ ألف يهودي معظمهم في اسطنبول كفزاعة لاحراج حكومة أنقرة‏,‏ بدعوي أن تنامي تعاطف الشعب التركي مع القضية الفلسطينية بسبب توجهات حكومة أنقرة يثير مخاوف الجالية اليهودية علي مستقبلها‏!‏
ولا يبدو أن الاتراك يتحمسون كثيرا لاعادة العلاقات مع إسرائيل الي سابق عهدها حرصا من جانب حكومة أنقرة علي كسب تأييد الشارع التركي‏,‏ ورغبة منها في الحفاظ علي مسافة واضحة بين الموقفين الاسرائيلي والتركي تمكن أنقرة من أن تمارس دورها الذي تتطلع إليه كوسيط في الصراع العربي الاسرائيلي‏,‏ وربما يدخل في حسابات أنقرة أيضا إشعار الأوروبيين بأن تركيا تستطيع أن تجد في علاقاتها مع العالمين العربي والاسلامي بديلا يغني ولو الي حين عن عضويتها في الاتحاد الاوروبي‏.‏

الاهرام الأثنين 3 من صفر 1431 هــ 18 يناير 2010 السنة 135 العدد 44968