اجتثاث البعثيين

لكل عصر شخوصه ورجاله‏,‏ وقد كان لصدام حسين في العراق وخارج العراق رجال كثيرون‏,‏ يسبحون بحمده ويعتبرونه أعظم قادة العرب رغم قسوته وغلظته‏.
ويحمدون له أنه حفظ استقرار العراق‏,‏ وصان وحدته وحماه من شرور الطائفية رغم ديكتاتوريته‏,‏ ويتشبهون به في كل صغيرة‏,‏ وكبيرة‏,‏ يحفون شواربهم علي شاكلته بحيث أصبح هناك أشباه بلا حصر للزعيم العراقي‏!..‏ وقد يكون من حق نظام الحكم الجديد في العراق أن يستبعد رؤوس نظام صدام الذين أفسدوا وتورطوا في ارتكاب جرائم ضد الشعب العراقي‏,‏ لكن أن يصبح كل من له علاقة سابقة بنظام الحكم العراقي السابق في عداد أعداء العراق‏,‏ فهذا أمر ينبغي أن يكون موضع نظر‏,‏ خاصة عندما يتم استخدام هذا الاتهام للتخلص من الوطنيين والقوميين والمقاومين وكارهي الوجود الأجنبي في العراق والخصوم السياسيين لمجرد استبعادهم من ساحة العمل السياسي‏.‏
ومنذ أن وافق رئيس الوزراء نوري المالكي علي تشكيل لجنة عقائدية لاجتثاث البعثيين يرأسها أحمد جلبي صديق الأمريكيين بالأمس القريب ورجل طهران في العراق اليوم‏,‏ تمكنت من استبعاد‏400‏ مرشح من الانتخابات البرلمانية الأخيرة‏,‏ جميعهم من السنة ومعظمهم كانوا من المرشحين علي قائمة أياد علاوي‏,‏ ونوري المالكي يفقد ثقة سنة العراق الذين أعطوا أصواتهم بالإجماع لأياد علاوي‏.‏
والآن يحاول قادة الأحزاب الشيعية إحياء عمل لجنة اجتثاث البعث كي تستبعد عددا من السنة الناجحين علي قائمة علاوي لحرمانه من الأغلبية الصغيرة التي حصل عليها‏,‏ بحيث يصبح من حق منافسه نوري المالكي تشكيل الائتلاف الحاكم الجديد‏..‏ وبرغم أن أياد علاوي ترك حزب البعث قبل أكثر من‏30‏ عاما‏,‏ وهرب إلي خارج العراق بعد أن صادر صدام حسين ثروة أسرته‏,‏ وتعرض لمحاولة اغتيال قام بها اثنان من رجال المخابرات العراقية في مسكنه بلندن أدت إلي إصابته بجروح بالغة تطلبت إجراء‏10‏ جراحات لإنقاذ حياته‏,‏ تسعي جماعات الشيعة إلي اتهام علاوي بأنه حصان طرواده الذي سوف يعيد البعثيين لحكم العراق‏,‏ ويعتبرونه نسخة أمريكية الصنع من صدام حسين لجسارته وقوته‏,‏ برغم أن أياد علاوي مجرد شخصية علمانية نجحت في الحصول علي معظم أصوات السنة‏,‏ ويبدو أن الكراهية العميقة من جانب ساسة الشيعة لكل ما له علاقة بحزب البعث سوف تظل عائقا رئيسيا أمام مصالحة عراقية حقيقية‏,‏ وربما تتسبب من جديد في إشعال الحرب الطائفية‏.‏


الاهرام الثلاثاء 21 من ربيع الاخر 1431 هــ 6 ابريل 2010 السنة 134 العدد 45046