رد أمريكي حاسم

لم يمض يوم واحد علي إعلان طهران قبولها نقل نصف كمية اليورانيوم الموجود في حوزتها إلي تركيا لاعادة تخصيبه في روسيا وفرنسا من خلال وساطة تركية برازيلية‏,‏ بهدف قطع الطريق علي مجموعة رابعة من العقوبات ضد إيران يوشك مجلس الأمن علي اصدارها‏.
‏حتي سارعت واشنطن إلي الإعلان عن اتفاقها مع الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن‏,‏ وبينها الصين وروسيا‏,‏ علي قائمة من العقوبات تشمل مقاطعة البنوك الإيرانية التي تتعامل مع الحرس الثوري الايراني الذي يشرف علي البرنامج النووي‏,‏ ومطالبة الدول بتفتيش السفن والطائرات الداخلة إلي إيران والخارجة منها‏,‏ حال وجود شبهات قوية بأنها تحمل مواد ممنوعا تصديرها إلي إيران‏,‏ دون وجود تفويض يسمح لهذه الدول باستخدام القوة للقيام بعملية التفتيش‏.‏ لكن قائمة العقوبات لا تشمل مطلب واشنطن السابق بمنع تصدير البنزين إلي إيران الذي تعتمد فيه طهران بالكامل علي الاستيراد من الخارج بعد أن عارضه كل من بكين وموسكو‏,‏ بما يزيد من قدرة إيران علي التعايش مع هذه العقوبات‏,‏ التي يعترف الأمريكيون بأنها وحدها لا تصلح لأن تكون رادعا يلزم إيران بالامتثال لقرارات مجلس الأمن‏!‏
وبرغم اعتراف وزير الخارجية الروسي بأن موسكو وافقت علي قائمة العقوبات‏,‏ إلا أنه لا يزال يأمل في أن تهتم واشنطن ودول الغرب بدراسة العرض الإيراني الأخير وتمنح طهران فرصة أخري‏,‏ بما يشير إلي أن فرض هذه العقوبات يمكن أن يجابه بمصاعب كبيرة‏,‏ خاصة أن الصين تلتزم بالموقف نفسه‏,‏ كما أن عددا من الدول الأعضاء غير الدائمين بينهم تركيا والبرازيل سوف يعارض بالقطع فرض العقوبات لإحساس الدولتين بأن الإعلان الأمريكي يكاد يكون صفعة ردا علي جهود وساطة الدولتين‏.‏
ومع أن واشنطن لم ترفض بعد العرض الإيراني الأخير‏,‏ إلا أنها تراه غير كاف لاستئناف التفاوض مع طهران‏,‏ التي لاتزال تصر علي الاستمرار في عملية التخصيب‏,‏ ولا تزال تعمل علي رفع درجة التخصيب إلي‏20‏ في المائة‏,‏ ولا تزال تماطل في الرد علي استفسارات الوكالة الدولية للطاقة‏,‏ بعد اكتشاف موقعها النووي الجديد قريبا من مدينة قم‏,‏ ولا تزال تراوغ كسبا للوقت‏,‏ كلما لاح في الأفق أن واشنطن تكاد تكسب معركة العقوبات داخل مجلس الأمن‏.‏

الاهرام الأحد 9 من جمادى الاخرة 1431 هـ 23 مايو 2010 السنة 134 العدد 45093