أفغانستان تزداد تعقيدا

لم يكن امام الرئيس الأمريكي أوباما سوي ان يقيل قائد قواته في افغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال رغم سجله العسكري الباهر‏,‏ ورغم نجاحه في كسب عقول وقلوب الأفغان بعد ان تمكن من خفض آثار القصف الجوي الأمريكي العشوائي علي المدنيين الافغان‏

ورغم الظروف الحرجة التي تمر بها الحرب هناك بعد ان نجحت طالبان في توجيه عدد من الضربات المؤثرة لقوات حلف ناتو‏,‏ وتحاول الآن تقويض النجاح الذي حققته العمليات العسكرية المشتركة في سهل مرجة‏,‏ كما تحاول تقليل فرص نجاح العملية العسكرية الكبيرة التي توشك ان تبدأ في ولاية قندهار‏,‏ ويتوقف علي نجاحها امكانية بدء انسحاب القوات الأمريكية من افغانستان في موعدها المحدد‏.‏
أخطأ الجنرال ماكريستال ومساعدوه‏,‏ عندما أهانوا معظم اركان ادارة اوباما في حديث نشرته مجلة أمريكية‏,‏ سخروا فيه من نائب الرئيس بايدن‏,‏ ووصفوا جيمس جونز مستشار الرئيس للأمن القومي بأنه مجرد مهرج‏,‏ وأهانوا مبعوثه الخاص إلي افغانستان ريتشارد هول بروك لأن ماكريستال لايكترث حتي بقراءة البرقيات التي يبعث بها إليه‏,‏ وبالغوا في ازدراء السفير الأمريكي في كابول ايكنبري لأنه احد الذين عارضوا ارسال المزيد من القوات الأمريكية إلي افغانستان‏,‏ وبرغم ان الجنرال ماكريستال قدم اعتذارا علنيا اكد فيه احترامه البالغ للرئيس اوباما وفريق معاونيه في البيت الأبيض‏,‏ فإن اوباما اصر علي استدعائه إلي واشنطن كي يبلغه بقرار اقالته‏,‏ خاصة ان سوابق ماكريستال عديدة في استخدام الصحافة للترويج لآرائه وممارسة الضغط علي البيت الابيض كي يسرع أوباما بارسال قوة أمريكية اضافية إلي افغانستان علي غير تقاليد العسكريين الأمريكيين‏.‏
ومع ان اقالة ماكريستال يمكن ان تؤدي إلي تأخير عملية قندهار‏,‏ وقد تضاعف من قلق بعض دول الناتو التي تفكر في سحب قواتها من افغانستان‏,‏ إلا ان اخطر آثارها يكمن في طبيعة العلاقة بين الرئيس الأفغاني حامد قرضاي والوجود العسكري الأمريكي في افغانستان‏,‏ لأن الأمريكيين يتشككون كثيرا في مواقف الرئيس قرضاي ويخشون من رغبته المتزايدة في التصالح مع حركة طالبان‏,‏ وعدم حماسه لبدء العملية العسكرية الكبيرة في قندهار لآثارها السيئة المتوقعة علي قبائل البشتون‏,‏ وكان الجنرال ماكريستال يشكل بالنسبة للرئيس قرضاي صمام الأمن الذي يضمن تحسين علاقاته مع واشنطن‏,‏ كما كانت واشنطن تعتمد عليه في ضبط تصرفات الرئيس الأفغاني الذي كان يجاهر أخيرا بضرورة انسحاب القوات الأجنبية من افغانستان‏.‏

الاهرام الاثنين 16 من رجب 1431 هـ 28 يونيو 2010 السنة 134 العدد 45129