مرونة محمود عباس
صفحة 1 من اصل 1
مرونة محمود عباس
ذهب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الي المباحثات المباشرة في واشنطن دون ان يحصل علي ضمان مسبق بوقف بناء المستوطنات بعد26 سبتمبر.
وهو يعرف ان الاسرائيليين ـ يساندهم بعض شخوص الادارة الامريكية ـ سوف يحاولون تعليق الجرس في رقبته وتحميله مسئولية فشل المباحثات, كما فعلوا معه في مرة سابقة وكما فعلوا مع سلفه الراحل ياسر عرفات, لكنه كان واضحا في إصراره علي مغادرة مائدة التفاوض إذا قرر رئيس الوزراء الاسرائيلي استئناف بناء المستوطنات بعد26 سبتمبر, لانه لامعني لاستمرار التفاوض حول قضايا يصر الاسرائيليون علي فرضها علي الارض بحكم الامر الواقع, فضلا عن ان تجميد الاستيطان يمثل التزاما وقعت عليه اسرائيل في أول بنود خريطة الطريق وليس مجرد شرط مسبق.
ولأن محمود عباس يعرف أن أمن إسرائيل سوف يكون الذريعة التي يستخدمها نيتانياهو لإملاء سلسلة من المطالب, هدفها تقويض استقلال الدولة الفلسطينية الجديدة, وتقنين احتلال إسرائيل لمساحات من أراضيها بحجة منع تهريب الاسلحة, والتلكؤ في مخاطبة المشكلات النهائية لصالح حلول مؤقته أو مرحلية, فقد اختار ان يقطع الطريق علي رئيس الوزراء الاسرائيلي بإعلان إلتزامه المسبق بعدد من الترتيبات الأمنية التي تخاطب هواجس الاسرائيليين, لان أمن إسرائيل ـ مع الاعتراف بأهميته كما يقول عباس ـ ينبغي ألا يكون ذريعة لاستمرار بناء المستوطنات أو الاستيلاء علي ما تبقي من الأرض الفلسطينية.
ولا يمانع محمود عباس في وجود قوات تابعة للأمم المتحدة.. ومحطات انذار مبكر في غور الاردن تحفظ أمن الطرفين بديلا عن وجود عسكري إسرائيلي, كما انه لن يفتش في هويات الذين يعملون في محطات الإنذار ليعرف إن كانوا امريكيين خلص ام أنهم من مزدوجي الجنسية, ولايري غضاضة كبيرة في ان يشارك مدنيون إسرائيليون في مراقبة المعابر كما كان الوضع سابقا, ولايريد التوقف كثيرا امام يهودية الدولة الاسرائيلية في ظل وجود ضمانات مؤكدة تحفظ حقوق الاقلية العربية في إسرائيل باعتبار أنهم يتمتعون بجميع حقوق المواطنة, وهو يحسن التفرقة دائما بين الثوابت التي لايجوز المساومة عليها, والمتغيرات التي يحسن التعامل معها بمرونة كافية, ولهذا كسب ثقة الرئيس الامريكي أوباما, وألزم نيتانياهو الاعتراف به ندا وشريكا في التفاوض, كما يلقي وفده التفاوضي خاصة صائب عريقات تقدير الجانب الامريكي لانهم يحسنون إعداد أوراقهم وحججهم.
ويرفض محمود عباس تجزئة المشكلة الفلسطينية إلي مشكلات إجرائية صغيرة يتواني الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي علي حلها تباعا, كما يريد الاسرائيليون, لان جوهر المشكلة هو وجود احتلال إسرائيلي لاراضي الضفة غير شرعي, ينبغي مناقشة جميع قضاياه بالتوازن مرة واحدة كي تقوم الدولة الفلسطينية, لان الفلسطينيين لن ينتظروا عشرة اعوام اخري تحت الاختبار. ولن يقبلوا حلا مؤقتا أو جزئيا.
الاهرام الثلاثاء 14 سبتمبر 2010 السنة 135 العدد 45207
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى