زيارة ملتبسة‏!‏

ما الذي يريده الرئيس الإيراني أحمدي نجاد من زيارته القادمة للبنان التي لا يرتاح لها أكثر من نصف اللبنانيين‏,‏ يحسون بالقلق من أن تؤدي الزيارة إلي الإخلال بالتوازن الهش بين فئات لبنان وقواه السياسية المختلفة‏.
في ظل حالة الاستقطاب الحاد التي تقسم البلاد حول قضية المحكمة الدولية وشهود الزور‏,‏ وتضع لبنان من جديد علي حافة خطر ضخم يمزق وحدته ويهدد سلمه الأهلي‏!,‏ ويخشون ثانيا من أن يكون هدف الرئيس الإيراني نوعا من إظهار العضلات‏,‏ والمباهاة بقدرة طهران علي الوصول إلي مواقع متقدمة من منطقة الشرق الأوسط‏,‏ درجت أحكام الجغرافيا والتاريخ علي اعتبارها مواقع عربية‏,‏ أصبحت من وجهة نظر إيران مجرد أوراق تفاوض ضمن الملف النووي الإيراني‏!,‏ خاصة أن الرئيس أحمدي نجاد طبقا لما أعلنت مصادر لبنانية‏,‏ يعتزم زيارة جنوب لبنان الذي يتشكل أغلبيته من الشيعة‏,‏ وساهمت إيران في إعادة بناء العديد من قراه‏,‏ ويرغب ـ كما قالت المصادر اللبنانية ـ في الوقوف علي حافة السور الشائك الذي يفصل بين لبنان وإسرائيل ليقذف إسرائيل بحجر رمزا لذراع إيران الطويلة وهو عمل دعائي يكمل صورة الرئيس أحمدي نجاد المعروفة لكنه باليقين لا يفيد لبنان‏,‏ ولا يخدم صورته أمام العالم كبلد صغير مسالم يتعرض لعدوان إسرائيل المستمر التي تريد تدميره لأنه يرمز إلي إمكانية التعايش بين الشعوب والملل والطوائف المختلفة‏!.‏
وأيا كانت بواعث الرئيس الإيراني فالأمر المؤكد أن واحدا من أهم أهداف الزيارة هو مساندة الشيخ حسن نصر الله أمين عام حزب الله باعتباره الحليف السياسي المنوط به تنفيذ سياسات إيران في لبنان التي تحرص علي أن يكون حزب الله هو الوحيد الذي يستقدم سلاحا من الخارج يعزز بالفعل مقاومة الجنوب اللبناني ضد إسرائيل‏,‏ لكنه يشكل أيضا جزءا من أدوات اللعبة السياسية الداخلية‏,‏ ويفرض إرادة حزب الله بقوة السلاح علي الجميع‏,‏ كما تكرر الأمر أكثر من مرة‏!,‏ ولعل الرئيس أحمدي نجاد أراد أن يذكر اللبنانيين بزيارته المتوقعة بأن الأمر لم يعد رهنا بتوافق القطبين العربيين العاهل السعودي الملك عبدالله والرئيس السوري بشار الأسد‏,‏ وأن هناك طرفا ثالثا غير عربي فاعلا في اللعبة ينبغي وضعه في الحساب‏.‏
ويبدو أن الرئيس الإيراني سوف يبدي في زيارته سخاء إيرانيا‏,‏ يتمثل في رغبة طهران في تسليح الجيش اللبناني بأسلحة إيرانية وهو أمر جد خطير بغير طبيعة الدولة اللبنانية ومجمل علاقاتها وتحالفاتها الدولية والإقليمية‏,‏ كما يتمثل في إنشاء محطة كهرباء بتكلفة‏400‏ مليون دولار سوف تكون موضع ترحيب بعض اللبنانيين‏,‏ وسوف تكون أيضا موضع شكوك بعضهم الآخر الذين يخشون علي خصوصية الوضع اللبناني‏,‏ ويبدون قلقا متزايدا من الإخلال بتوازنه الهش‏.‏

الاهرام الثلاثاء 12 اكتوبر 2010 السنة 135 العدد 45235