الغاء المحكمة أو الطوفان

قرار منفرد حاسم ومطلق لا يملك إصداره في عصرنا الراهن سوي عتاة الديكتاتوريين الذين اختفوا من عالمنا‏,‏ طلب الشيخ حسن نصر الله أمين عام حزب الله من كافة اللبنانيين‏,‏ ودون أن يستشير رئيس الجمهورية اللبنانية أو رئيس الوزراء أو أيا من الأحزاب والقوي السياسية اللبنانية الأخري مقاطعة المحكمة الدولية‏,‏ واعتبر كل اللبنانيين الذين يتعاملون مع المحققين التابعين لها سواء من الحكومة أو الأهالي أو باقي الطوائف والأحزاب متعاونن مع إسرائيل يدعمونها ضد المقاومة‏,‏ بدعوي أن المعلومات التي تجمعها هيئة التحقيق ال
وضع حسن نصر الله رئيس الدولة اللبنانية في موقف صعب‏,‏ لأن الدولة اللبنانية ملزمة أمام المجتمع الدولي بالتعاون مع المحكمة‏,‏ وهي التي سعت ووافقت علي إنشائها بمشورة كل الأطراف اللبنانية‏,‏ لأن من مصلحة أمن لبنان واستقراره أن تتعرف المحكمة علي من اغتال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ورفاقه في حادث التفجير البشع‏,‏ ومن الذي ارتكب سلسلة جرائم الاغتيال التي أودت بحياة عشرات اللبنانيين من السياسيين والكتاب ورجال الأحزاب من رموز لبنان‏,‏ خلال فترة سيطرة القوات السورية علي الشارع اللبناني قبل عام‏2005,‏ كما وضع نصر الله رئيس الوزراء سعد الحريري أمام اختيار صعب وخطير‏,‏ إما أن ينسي التحقيق في قضية اغتيال والده رفيق الحريري ويتعايش مع حزب الله رغم آثامه إن كان يريد استقرار الأوضاع الداخلية للبنان‏,‏ أو يتحمل مسئولياته كرئيس للوزراء‏,‏ ويرفض موقف حزب الله الذي ازداد صلافة وبأسا بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الإيراني أحمدي نجاد ليدخل لبنان نفق أزمة صعبة تهدد سلمه الأهلي سوف تكون الأشد ضراوة علي طول تاريخه‏.‏
والواضح من انعكاسات الأزمة السريعة‏,‏ أن مظلة الوفاق السوري السعودي التي تستهدف ضبط إيقاع الداخل اللبناني تكاد تتفكك‏,‏ لأن السعودية تعتبر أن الأفضل بالنسبة لرئيس الوزراء سعد الحريري أن يستقيل كي لا يكون عرضة للابتزاز‏,‏ ويتم تكليف رئيس وزراء جديد يستطيع التعامل مع الموقف دون حساسيات‏,‏ علي حين يري السوريون ضرورة استمرار الحريري في منصبه لأنه لا أحد سواه يملك القدرة علي إهدار المحكمة الدولية‏,‏ إن كان يريد توافقا مع سوريا وحزب الله يضمن له استتباب الأوضاع في لبنان‏,‏ ولأن الخيار صعب يعاني
سعد الحريري أزمة بالغة القسوة علي حين يعتصر لبنان قلق متزايد علي مستقبله القريب‏.‏

الأهرام الأثنين 1 نوفمبر 2010 السنة 135 العدد 45255