يلعبون في الوقت الضائع‏!‏

ثمة خيار آخر‏,‏ غير العمل المسلح‏,‏ لعله أفضل الخيارات وأضمنها وإن يكن أكثرها كلفة‏,‏ لأنه يتطلب من العرب تضحيات ضخمة‏,‏ تتمثل في عون مادي عربي للفلسطينيين يقدر الخبراء العالميون حجمه بما يقرب من خمسة مليارات دولار كل عام‏.
علي مدي خطتين خمسيتين تستهدفان تطوير المجتمع الفلسطيني‏,‏ وتعزيز صموده في القدس والأرض المحتلة‏,‏ وتحسين أداء مؤسساته التعليمية والصحية والاجتماعية والأمنية‏,‏ وإعادة تجهيز بنيته الأساسية بما يجعل الضفة وغزة كلا واحدا متكاملا تربطهما شرايين اقتصادية وحياتية مشتركة‏,‏ بحيث تحل المعونة العربية محل المعونة الأوروبية التي تقيدها شروط صعبة‏,‏ تفرض نوعا من الوصاية علي حق الفلسطينيين في القرار‏,‏ وتلزمهم الرضوخ لشروط الجانب الأمريكي التي كثيرا مايجانبها الصواب‏,‏ وتجعل الحبل المصري لدولتهم في يد إسرائيل التي تمدهم بالطاقة والكهرباء‏,‏ وتتحكم في كل مصادر المياه‏,‏ كما تتحكم في كل المداخل والمخارج‏.‏
ولو أن الفلسطينيين في غزة والضفة استغنوا بالمعونة العربية عن المعونات الدولية والإقليمية لأصبحوا أكثر قدرة علي الصمود ومواجهة تحديات الاحتلال الاسرائيلي‏.‏
ولأن الاسرائيليين يعرفون أن أعداد الفلسطينيين يتجاوز الآن خمسة ملايين ونصف المليون نسمة‏8.2‏ مليون في الضفة‏,‏ و‏5.1‏ مليون في غزة و‏3.1‏ أن يتجاوز أعدادهم في غضون السنوات العشر القادمة‏8‏ ملايين نسمة بما يساوي أو يزيد علي عدد الاسرائيليين يملكون إمكانات دولة متقدمة وقدرات إنسانية عالية‏,‏ ويستحيل إنكار حقوقهم السياسية‏,‏ فلن تجد إسرائيل بدا من أن تسلم لهؤلاء الملايين الثمانية بحق العيش في دولة فلسطينية مستقلة‏,‏ لأن البديل الوحيد هو القبول بدولة واحدة تجمع الفلسطينيين والاسرائيليين‏,‏ وتتمتع فيها الأغلبية العربية بحق حكم البلاد كما حدث في جنوب افريقيا‏..,‏ ولأن كل قادة إسرائيل ابتداء من شارون الي بيريز الي نيتانياهو يعرفون هذه الحقيقة‏,‏ فهم يلعبون في الوقت الضائع علي أمل كسر صمود الشعب الفلسطيني‏.‏

الأهرام الثلاثاء 21 ديسمبر 2010 السنة 135 العدد 45305