طهران تكسب الوقت‏!‏

في لعبة جديدة تشبه لعبة القط والفأر‏,‏ تثبت أن الإيرانيين ملوك فن الفصال والخداع والمساومة والقدرة علي المنارة كسبا للوقت‏,‏ أصدر الرئيس الإيراني أحمدي نجاد أوامره إلي مؤسسة الطاقة النووية الإيرانية كي تتولي مهمة إعادة تخصيب مخزونها من الوقود النووي إلي درجة‏20,
بعد أيام من إعلان عرضه الغامض برغبة طهران في تصدير مخزونها النووي لإعادة تخصيبه في الخارج بهدف طمأنة واشنطن إلي أن طهران لن تكون قادرة علي صنع قنبلة نووية وإتاحة فرصة زمنية كافية للتفاوض حول كافة أبعاد الملف النووي‏.‏
وبرغم أن الغرب يشكك في قدرة طهران علي رفع درجة تخصيب اليورانيوم إلي‏20‏ درجة لمشاكل فنية عديدة تواجه أجهزة الطرد المركزي في معامل التخصيب الإيرانية‏,‏ فإن الواضح أن لعبة طهران الجديدة تستهدف إعاقة اتفاق الدول الكبري علي الذهاب إلي مجلس الأمن لطلب تطبيق مجموعة رابعة من العقوبات تستهدف حصار أنشطة البنك المركزي الإيراني ووضع قادة الحرس الثوري علي قائمة الممنوعين من السفر ومن التصرف في أموالهم الموجودة في الخارج‏.‏
وهذا ما حدث بالفعل‏,‏ حيث أكدت الصين رفضها فرض أية عقوبات جديدة علي إيران مادمت هناك فرصة لاستمرار التفاوض‏,‏ وتمسكت موسكو بضرورة ألا يؤدي تطبيق العقوبات إلي الإضرار المباشر بمصالح الشعب الإيراني‏.‏
ولايبدو أن فرض العقوبات علي طهران سوف يكون أمرا سهلا‏,‏ فضلا عن نتائجه المؤكدة في إنهاء خلافات الجبهة الداخلية في إيران وتوحيدها‏,‏ كما أن التهديد بعمل عسكري تقوم به إسرائيل منفردة أو بالتعاون مع بعض الدول الغربية لقصف مواقع إيران النووية يواجه مشاكل عديدة‏,‏ تجعله أكثر الخيارات صعوبة وأقلها ضمانا للنجاح‏,‏ ليس فقط لانتشار المواقع النووية الإيرانية علي مساحات شاسعة يصعب تدميرها بضربة جوية واحدة‏,‏ ولكن لأن إيران تملك قوة ردع تستطيع أن تطول أهدافا أمريكية عديدة في الخليج والعراق‏,‏ وتعوق مرور البترول في مضيق هرمز بما يرفع أسعاره إلي أرقام فلكية بينما العالم لايزال يعاني من آثار الأزمة العالمية الأخيرة‏,‏ وربما يكون في وسع طهران أن تشعل حربا مدمرة في الشرق الأوسط ردا علي إسرائلي عبر علاقتها مع حماس وحزب الله وسوريا‏.‏
أغلب الظن أن الملف النووي الإيراني سوف يبقي لفترة طويلة قادمة غصة في حلق الغرب لايستطيع ابتلاعها ولا يستطيع أن يلفظها‏,‏ ما لم يصحح الغرب سياساته الراهنة‏,‏ ويدرك أن البداية الصحيحة ليست في العقوبات أو الحرب ولكن في التوجه رأسا إلي القضية الفلسطينية‏.‏
كيف ذلك؟‏!,‏ تلك قصة أخري‏.‏

الاهرام الثلاثاء 25 من صفر 1431 هـ 9 فبراير 2010 السنة 135 العدد 44990