مخاطر نصف الكوب الفارغ‏!‏

حسنا أن أثبت العرب أخيرا حاجتهم الي وقفة صادقة مع النفس يراجعون خلالها ملفاتهم القديمة بحثا عن أسباب الاخفاق قبل أن يفتحوا أي ملفات جديدة‏,‏ وينظرون في نصف الكوب الفارغ قبل النظر في نصف الكوب المملوء‏,‏
ويسألون أنفسهم لماذا تظل قراراتهم حبرا علي الورق‏,‏ ولماذا يلتزم العمل العربي المشترك ببطء التنفيذ‏,‏ ولماذا فقد المواطن العربي احساسه بجدوي هذه القمم‏,‏ رغم أن القصة لم تكن بالكامل قصة اخفاق وفشل‏,‏ بسبب الاقتناع العربي المتزايد بأهمية تطوير البنية الأساسية لزيادة حجم التجارة العربية‏,‏ والاتفاق علي أولويات مشروعات الربط الكهربائي وتعزيز شبكات الطرق والسكك الحديدية لتيسير وصول البضائع والأشخاص‏,‏ والاسهام الطوعي لعشر دول عربية بما يربو علي مليار و‏200مليون دولار لتمويل صندوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة الذي دخل حيز التنفيذ بالفعل‏,‏ والاقتناع بأهمية تكامل الجهود الاقتصادية العربية لتحقيق الأمن الغذائي العربي‏,‏ وحل مشكلات البطالة‏,‏ وإنشاء تكتل اقتصادي عربي يساعد الدول العربية علي تبادل الخبرات والمنافع كل ذلك يمثل خطوات مهمة علي الطريق الصحيح‏.‏
وإذا كانت التغيرات المناخية في روسيا واستراليا والأرجنتين دمرت معظم زراعات الحبوب في العالم‏,‏ وتنذر الآن بموجة غلاء عاتية في أسعار المواد الغذائية سوف يعاني منها معظم البلدان العربية بما يفرض علي قمة شرم الشيخ أهمية الانتباه الي قضايا الأمن الغذائي‏,‏ فإن ماحدث في تونس أخيرا بسبب حرمان المواطن العربي من حقه في حرية التعبير وعدم الانتباه الي مشكلات الأجيال الجديدة‏,‏ وتفاقم مشكلات البطالة‏,‏ والتغاضي عن احترام حقوق الانسان يشكل أحد الحوافز المهمة لقمة شرم الشيخ كي يدرك العرب أهمية الاستمرار في خطط الإصلاح السياسي‏,‏ وتعزيز فرص مشاركة المرأة والشباب‏,‏ ومؤسسات المجتمع المدني في خطط الإصلاح السياسي والاقتصادي‏,‏ والحرص علي الاستماع الي نبض الشارع العربي والاستجابة لمطالبه الصحيحة والقبول بالتغيير المنظم بدلا من التغيير الفوضوي الذي يفرضه شارع غاضب‏.‏
وأغلب الظن أن التقليد الجديد الذي استنته قمة شرم بالاستماع الي ممثلين لجمعيات رجال الأعمال والغرف التجارية ومؤسسات المجتمع المدني سوف يزيد روافد القمة العربية التي تمكنها من معرفة حقائق الواقع العربي ومخاطر الابقاء علي نصف الكوب الفارغ الذي يتعلق معظمه بحقوق المواطن العربي في الحرية والكرامة والعمل‏.‏



الأهرام الأحد 23 يناير 2011 السنة 135 العدد 45338