رسالة يوم الغضب

البعض يري ما حدث يوم أمس انذارا يتطلب الفطنة والحذر والانتباه‏,‏ والبعض يراه انفلاتا أمنيا ساعد علي إتساعه ان الشرطة التزمت في البداية حسن المعاملة‏,
الامر الذي ادي الي تشجيع المتظاهرين‏,‏ والبعض الآخر لايريد أن يري فيه اكثر من احداث متفرقة‏,‏ أما غالبية أرجاء الجمهورية فقد كان يسودها الهدوء‏,‏ لكنني أري أن ما حدث كان في جوهره يمثل طلبا جماهيريا واسعا مشمولا بالرغبة في النفاذ العاجل‏,‏ يؤكد اهمية ان تبدأ مصر تغييرا منظما منضبطا نحو اهداف واضحة ومحددة‏,‏ يعفيها من عشوائية فوضي التغيير لمجرد التغيير تحت ضغوط جماهير غاضبة‏.‏
ويدخل ضمن هذه الاهداف ضرورة استمرار مسيرة الاصلاح السياسي وصولا الي الديمقراطية المكتملة التي تنهض علي انتخابات حرة نظيفة تجري بالقائمة النسبية حتي يحسن تمثيل المرأة والاقباط والشباب‏,‏ ويتهيأ للاحزاب السياسية فرص المشاركة الحقيقية التي تزيد من إسهامها في تشكيل صف وطني واحد يتصدي لمخططات الارهاب وضرورة تأكيد إنحياز الحكم الي مصالح الفئات الاوسع من المجتمع‏,‏ والفصل الواضح بين الثروة والسلطة بما يحفظ لرجال الاعمال دورهم في التنمية في مناخ آمن يشجع علي الاستثمار ويوازن بصورة اكثر عقلانية حجم تأثيرهم علي القرار السياسي‏,‏ وضرورة توجيه خطاب مختلف الي الشباب المصري يؤكد احترام تكافؤ فرص التشغيل والتعليم‏,‏ والبدء في إقامة الدولة القانونية التي يخضع فيها الجميع لسلطة القانون دون اي ا ستثناء‏,‏ وإعادة فتح الحوار الوطني مرة اخري حول المادة‏76‏ بما ينهي اي حديث عن التوريث‏,‏ ويضمن ان تجري الانتخابات بين عدد من المرشحين يفاضل بينهم الشعب في انتخابات نزيهة‏.‏
لقد مر يوم أمس علي خير رغم بعض وقائعه المؤسفة‏,‏ ورغم وجود جماعات سياسية حرفت المظاهرات عن اهدافها الحقيقية‏,‏ كانت تود لو تمكنت من توسيع نطاق المصادمات بين الشرطة والمتظاهرين ليصبح يوما داميا‏,‏ وما من شك في ان هذه الجماعات سوف تعاود الكرة‏,‏ لكن ثمة ما يؤكد ان القوام الغالب للمتظاهرين يوم امس الأول تمثل في جيل جديد‏,‏ لعله نفس الجيل الذي خرج في تونس وعمان وبيروت يحسن ان نعمل جميعا علي إطفاء غضبه من خلال عمل سياسي خلاق وذكي يبدأ فورا ويحسن التخاطب مع مشاكله واولها البطالة‏.‏


الأهرام الخميس 27 يناير 2011 السنة 135 العدد 45342