الخوف من الانتقام‏

لم تنجح تأكيدات الحكم المتكررة حتي الآن في طمأنة شباب ميدان التحرير الي أن الحكم لن يلاحق أيا من الذين شاركوا في عمليات التظاهر ورفعوا شعارات التغيير برغم الوعود التي أطلقها الرئيس ونائبه ورئيس مجلس الوزراء الجديد‏.
وبرغم أن نسبة غير صغيرة من المشاركين في أحداث الميدان تأوي الي منازلها ليلا لتعود صباحا الي الميدان تمضي هناك طوال النهر دون أن يتعرض لهم أحد في طريق الذهاب أو العودة‏,‏ لاتزال غالبية هؤلاء يستشعرون القلق من أن الحكم سوف يسعي للانتقام إن هدأت الأحداث في الميدان وعاد كل الي بيته واستأنفت الحياة سيرها المعتاد‏.‏
وتحكي أستاذة مصرية في الجامعة الأمريكية لصحيفة أمريكية كيف أنها تعود من ميدان التحرير ليلا لتغلق باب منزلها بالسلاسل ثم تغلق باب شقتها وترص خلفه أثقالا من الأثاث قبل أن تدخل غرفة نومها وتغلقها بالمفتاح‏,‏ لكنها تضع تحت وسادتها سكينا كإجراء احترازي لأنها لا تصدق وعود الحكم‏,‏ وأنها تحس أنها أكثر أمنا وسط الشباب في ميدان التحرير لأن أحدا لن يستطيع أن يمسها وسط هذه الجموع‏,‏ وتتكرر مثل هذه الشهادات كثيرا علي ألسنة شباب كثيرين يؤكدون أن أهلهم يحسون الطمأنينة الكاملة ماداموا وسط زملائهم في الميدان‏.‏
ولست أعرف ما هو المطلوب علي وجه التحديد لتبديد هذه المخاوف‏,‏ لكنني أود لو أن نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان وضع ضمن برنامجه للحوار الوطني اجتماعا مع ممثلين للمجلس القومي لحقوق الإنسان‏,‏ ومعظمهم شخوص قانونية وعامة محترمة‏,‏ ليصدر عن هذا الاجتماع إعلان مشترك باحترام حقوق الإنسان المصري يلزم الدولة وكل مؤسساتها‏,‏ يكون بين بنوده الحفاظ علي كرامة المواطن المصري في تعامله مع كل أجهزة الدولة وامتناع سلطات الضبط عن توقيف أو اعتقال أي شخص ما لم يتم اخطار النائب العام فورا‏,‏ ونقل سلطة الإشراف علي السجون وأماكن الاحتجاز في الأقسام الي وكلاء النائب العام‏,‏ وتجريم عدم إخطار أهالي الموقوفين والمعتقلين وذويهم عن حالات التوقيف والاعتقال فور وقوعها‏,‏ واعتبار ذلك جريمة تعذيب لا تسقط بالتقادم‏,‏ وبدء إنهاء العمل بقانون الطوارئ فور خروج الشباب من ساحة التحرير وإلقاء القبض علي عشرات الآلاف من المسجونين الهاربين وقبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة‏,‏ خاصة أن الجيش دخل طرفا ضامنا لكل إجراءات الإصلاح‏,‏ لعل مثل هذا الإعلان يزرع بذور الثقة من جديد بين الحكم وهذه الأجيال الجديدة‏.‏


الأهرام الأحد 13 فبراير 2011 السنة 135 العدد 45359