مصري بكل فخر

مصري بكل فخر‏,‏ هذا هو الإحساس الذي يغمر المصريين جميعا‏.‏ صبيحة نجاح ثورتهم البيضاء التي حققت أهدافها دون أن نعرف لها بطلا قائدا لأن الجميع أبطال‏,‏ وأعطت العالم نموذجا عبقريا في التغيير السلمي والجذري لم يشهد تاريخ الثورات مثيلا لنبله ونقائه سوف يشكل إلهاما لكل شعوب العالم‏,‏ وساعد القوات المسلحة المصرية علي أن تضبط إيقاع خطوها في سيمفونية حب وتكامل مع مطالب ملايين الشباب المصري الذي خرج إلي ميدان التحرير ومعظم ميادين المدن المصرية‏,‏ يمتلئ غضبا وعزة وكرامة وإصرارا علي التغيير‏,‏ لا يرضي لوطنه مكانة متأخرة في ركب التقدم العالمي‏,‏ ويتطلع إلي بناء دولة مدنية ديمقراطية يحكمها القانون‏,‏ تجتث الفساد والقهر وتحفظ للإنسان المصري حقوقه‏,‏ ويتمتع فيها الجميع بحقوق المواطنة دون تمييز‏,‏ بعد أن تيبست قدرة نظام الحكم علي مواكبة نبض المجتمع وعجز عن أن يقود تغييرا منظما يلبي عطش مصر إلي الحرية وإلي الديمقراطية المكتملة‏,‏ وأسلم زمامه إلي مجموعة من المغامرين لا يعرفون جوهر الشعب المصري ولا يحسنون فهم روحه‏,‏ روجت لأفكار خائبة تدعي أنه ليس في مصر طلب حقيقي علي الديمقراطية‏,‏ وأغفلت فهم إشارات الحراك السياسي الذي غطي علي أخبار الشارع المصري علي امتداد السنوات الثلاث الماضية‏,‏ ثم جاءت حماقة الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي كانت القشة التي قصمت ظهر البعير‏.‏
ومع الأسف سد نظام الحكم سمعه وعقله وبصره عن شواهد عديدة لا يخطئ فهمها أولو الألباب بعد أن ماتت قرون استشعاره‏,‏ ورفض نصائح عديدة‏,‏ من داخله وخارجه كان كاتب هذه السطور من أولهم‏,‏ مصرا علي لغة الاستعلاء والترفع والوصاية‏,‏ سادرا في أوهامه يجهل حقيقة ما يدور تحت سطح المجتمع‏.‏
وربما يكون مبكرا أن نقرأ بدقة صورة الغد‏,‏ لكن ما من من شك أن مصر تبدلت علي نحو كامل‏,‏ وهي الآن مؤهلة لعبور مرحلة انتقالية آمنة نرجو ألا تطول فترتها تنفتح علي حياة ديمقراطية مكتملة‏,‏ بعد أن التزمت القوات المسلحة بضمان تحقيق الأهداف المشروعة للشعب وألا تكون بديلا عن شرعية شعبية منتخبة‏.‏ ولأن روحا جديدة تسري في مصر من أقصاها إلي أقصاها فخارا بما أنجزه الشباب المصري وأملا في المستقبل‏,‏ تحرس أهداف التغيير جعلت الطامحين في اختطاف الثورة مجرد نقطة في بحر عارم‏.‏

الأهرام الأثنين 14 فبراير 2011 السنة 135 العدد 45360