المرأة وثورة الديمقراطية

لم تكن سلمية تظاهرات الاحتجاج العربي هي فقط السمة الوحيدة التي ميزت انتفاضة الديمقراطية التي هبت في تونس ومصر واليمن وسوريا وليبيا والبحرين‏,‏
ولكن كان بين السمات الأساسية لهذه التظاهرات أيضا, المشاركة الواسعة من جانب النساء التي جعلت المرأة عنصرا أساسيا, يشاركن بالآلاف في جميع أنشطة التـظاهر بما في ذلك الاعتصام في الميادين, وعندما حاول الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أن يستنفر المجتمع اليمني المحافظ ضد هذه المظاهرات, منتقدا اختلاط المرأة بالرجال في الاعتصام داخل ميدان التغيير أمام جامعة صنعاء, جاءه الرد عاجلا في صورة مظاهرة نسائية ضخمة ضمت عشرات الآلاف من النساء المتسربلات بالسواد وقد أسدلن علي وجوهن النقاب وبعضهن يحملن أطفالهن, لكن الجميع يهتفن الشعب يريد إسقاط النظام.
وفي جميع أعمال التظاهر كان العبء كبيرا علي النساء, لأنه فوق دورهن كمواطنات يعبرن عن رأيهن ويخرجن الي التظاهر في الشوارع والميادين, تحملت النساء مسئولية مداواة جرحي التظاهر, وترتيب إمدادات الغذاء وتوزيع الأغطية والبطاطين علي الخيام, وتنظيم أماكن الاعتصام, فضلا عن جهود النشاطات من الطبيبات وأساتذة الجامعات وعضوات جماعات حقوق الإنسان.
وفي بعض الحالات, جاءت المبادرة الأولي من النساء, ففي اليمن قادت توكل كارمان أول مظاهرة في جامعة صنعاء, وتم سجنها لأكثر من48 ساعة, وفي سوريا خرجت في دمشق أول مظاهرة نسائية اعتصمت أمام مبني وزارة الداخلية للمطالبة بالإفراج عن المعتلقين,وفي ميدان اللؤلؤة في البحرين أضربت زينب الخواجا عن الطعام احتجاجا علي اعتقال أفراد من أسرتها, ولم يتوقف اشتراك المرأة في أعمال التظاهر علي المدن العربية الكبري, ولكنه امتد الي العديد من القري, كما حدث في قرية البيضاء السورية للمطالبة بالإفراج عن الأزواج المعتقلين.
وبرغم أن المرأة كانت عنصرا أساسيا في جميع التظاهرات وتوحدت مطالبها مع الرجال في المطالبة بتغيير النظام, ثمة مخاوف من أن يحتكر الرجال ثمار الثورة, ويحجمون عن الاعتراف بشرعية مطالب المرأة العربية التي تطالب بالمساواة في جميع الحقوق بما في ذلك الأجر المتساوي عن العمل المتساوي, وتكافؤ فرص التشغيل, لأن نسبة البطالة بين الخريجات العرب تتجاوز ضعف نسب البطالة بين الذكور, وفي مصر تزداد المخاوف من هجمة سلفية ضد المكتسبات التي تحققت للمرأة خاصة مايتعلق بقوانين الأسرة, لكن ما من شك أن المشاركة الواسعة للمرأة العربية في انتفاضة الديمقراطية سوف تختصر الكثير من المشاكل والصعاب.

الأهرام الخميس 28 ابريل 2011 السنة 135 العدد 45433