خطاب جديد للشباب‏!‏

لا جدال في حاجة مصر الملحة الي خطاب ديني مستنير‏,‏ يعتمد العقل طريقا صحيحا لفهم مقاصد الشريعة‏,‏ يؤكد التسامح وقبول الآخر‏,‏ ويساعد شبابنا علي أن يتفهم جوهر دينه‏,‏ ويحميه من السقوط فريسة التعصب والتطرف‏.
وربما لا يقل أهمية عن الخطاب الديني المستنير الذي يطالب به الرئيس مبارك خطاب آخر أكثر رشدا‏,‏ يستهدف شباب مصر‏,‏ ينهض علي الحوار والمشاركة ولايعتمد الصيغ المألوفة والقوالب الجاهزة كي يصل الي عقول وقلوب هؤلاء الشباب‏,‏ يستنقذهم من حالة اليأس والإحباط التي تسيطر علي نفوس كثيرين منهم‏,‏ ويعيد إليهم ثقتهم بأنفسهم ووطنهم‏,‏ ويحيي الآمال في نفوسهم بأن الغد سوف يكون بالضرورة أفضل من الأمس‏,‏ وأن قيم العمل والعلم والتفوق وتكافؤ الفرص لا تزال تشكل المعايير الصحيحة والمرجعية الأخيرة في كل قرار يتعلق بمستقبل الشباب في مصر‏,‏ وأن ما يصادفونه في الحياة العامة من أمثلة نشاز تحصن حقوق أبناء فئة بعينها في العمل الجيد والأجر المرتفع اعتمادا علي المحسوبية والوساطة تمثل خروجا عن رسالة الدولة يتطلب التصحيح العاجل لأن الدولة لا تزال علي التزامها بضرورة احترام التفوق وتكافؤ الفرص‏.‏
وما ينبغي أن يعرفه الجميع أن أي خطاب جديد موجه للشباب لا يقترن بفكر واضح وبرامج عمل معلنة‏,‏ يري الجميع أبعادها وملامحها وتطبيقاتها في المعهد والجامعة وفي نظم الدولة ولوائحها‏,‏ وفي قواعد التوظيف والترقي‏,‏ والبعثات لن ينتج سوي قبض الريح‏,‏ لأن الجميع ضاقوا ذرعا بوعود كثيرة لم يروا ترجمتها العملية في الواقع الفعلي‏.‏
وأظن أن الخطر علي الشباب لم يعد وقفا علي أفكار التعصب والتطرف‏,‏ لأن اليأس والإحباط وعدم الإيمان بجدوي العلم والعمل وغياب القدوة الرشيدة وانهيار سلم القيم والانسياق وراء الرغبة في التغيير من أجل التغيير بصرف النظر عن نتائجه المؤلمة ربما يكون أشد خطرا من التعصب والتطرف لتأثيره الواسع علي جمهور واسع من الشباب‏,‏ وليس مجرد قلة منهم‏,‏ يشكل جيلا مختلفا يفكر عكس ما نفكر فيه‏,‏ ويتواصل مع نفسه بعيدا عن مجري التيار العام‏,‏ ويري مستقبله في الرفض الكامل لكل واقعنا الراهن‏.


الاهرام الخميس 11 من ربيع أول 1431 هـ 25 فبراير 2010 السنة 135 العدد 45006