يوم الجمعة الفاصل

ربما يكون يوم الجمعة القادم‏,‏ اليوم المحدد لإعلان النتائج النهائية للانتخابات العراقية الأخيرة هو اليوم الحاسم في تاريخ العراق‏,‏ ونقطة التحول المهمة في مسيرته نحو الديمقراطية‏,‏ وأكثر أيامه خطورة ودلالة‏,‏ لأن العراق سوف يجد نفسه علي مفترق طريقين‏,‏ إما أن تقبل كل القوي السياسية التي شاركت في العملية الانتخابية نتائج الانتخابات‏,‏ وتسلم بضرورة الانتقال السلس للسلطة إلي القائمة الانتخابية التي حصلت علي العدد الأكبر من مقاعد البرلمان‏,‏ أو ترفض ذلك بدعوي فساد الانتخابات ليشتعل الصدام من جديد بين
وأكثر مايخشاه المراقبون أن تنفجر مظاهرات الشيعة في شوارع المدن العراقية يوم الجمعة القادم‏,‏ تعلن رفضها لنتائج العملية الانتخابية اذا حافظت قائمة أياد علاوي علي تقدمها الطفيف الذي حققته بعد فرز‏95‏ في المائة من أصوات الناخبين‏,‏ ويستثمر رئيس الوزراء نوري المالكي هذا الموقف‏,‏ ويرفض مغادرة المنصب مستندا إلي غضب جموع الشيعة‏,‏ متذرعا بمسئوليته الدستورية باعتباره أعلي سلطة تنفيذية‏,‏ والقائد العام للقوات المسلحة‏,‏ ومن حقه وواجبه ان يتصرف باسم الدولة ويرفض قبول نتائج فاسدة للعملية الانتخابية‏,‏ ويظل باقيا في منصبه إلي أن تتم إعادة فرز أصوات‏12‏ مليون ناخب عراقي شاركوا في العملية الانتخابية مرة أخري بالطرق اليدوية‏.‏
وبرغم تصاعد مطالب الشيعة بإعادة فرز الأصوات بسبب شكوكهم في سلامة العملية الانتخابية‏,‏ يؤكد المشرفون علي اللجنة الوطنية للانتخابات يساندهم الأمريكيون ان الانتخابات لم تشهد أية عمليات تزوير أو مخالفات جماعية واسعة يمكن أن تؤثر علي نتائجها‏,‏ وأن أعمال اللجنة كانت ولاتزال تخضع لمراقبة مباشرة من مراقبين دوليين‏,‏ إضافة إلي ممثلين عن جميع القوائم الانتخابية يتابعون كل العمليات علي مدي الساعة‏,‏ إضافة إلي الأمريكيين الذين يتابعون عن قرب كل العمليات‏.‏
ويبدو من الانذار الذي وجهه نوري المالكي إلي اللجنة المشرفة علي الانتخابات وأقحم فيه القوات المسلحة في الشأن السياسي الداخلي للعراق‏,‏ أن المالكي لن يسلم بسهولة بانتقال السلطة اذا لم تحقق قائمته الفوز‏,‏ يسانده في موقفه مجموعة من السياسيين العراقيين الذين عاشوا في المنفي وجاءوا مع الغزو الأمريكي للعراق ليتولوا مقاليد الحكم في العراق‏,‏ يخشون من ضمور فرصهم في الحصول علي مساندة الداخل العراقي‏,‏ ولهذه الأسباب يعتبرون معركة يوم الجمعة القادم معركة فاصلة لابد من كسبها حتي لو أدي الأمر الي التهديد باستخدام العنف‏.‏


الاهرام الأربعاء 8 من ربيع الثانى 1431 هــ 24 مارس 2010 السنة 134 العدد 45033