تأميم الوقود النووي

لا يتعلق مصير مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر انتشار الاسلحة النووية الذي تستمر اعماله في نيويورك شهرا كاملا‏,‏ فقط بقضية المعايير المزدوجة التي مكنت اسرائيل من ان تصبح قوة نووية لا تخضع منشآتها لتفتيش او رقابة الوكالة الدولية للطاقة‏,‏ وان تكون المعايير المزدوجة تشكل اهم قضايا المؤتمر‏,‏ لكن ثمة مجموعة اخري من القضايا لا تقل اهمية تكاد تكون محور الصراع الرئيسي داخل المؤتمر‏,‏ بين الدول النووية الخمس التي تحتكر السلاح النووي والباقين من اعضاء المؤتمر الذي يبلغ عدد اعضائه‏189‏ دولة لا يملكون اسلحة نووية
برغم ان جميع المراقبين يؤكدون ان الفشل سوف يكون علي الارجح مصير مؤتمر المراجعة‏,‏ كما حدث لمؤتمر المراجعة الذي عقد قبل خمسة اعوام‏,‏ لعمق الخلافات بين الدول التي تملك سلاحا نوويا والدول التي لا تملك‏,‏ ولان تعديل اي من بنود الاتفاقية كي تكون اكثر قدرة علي منع انتشار الاسلحة النووية يتطلب اجماع كل اعضاء المؤتمر‏,‏ الا ان الآمال تتركز علي امكانية ان يجد المؤتمر صيغة توافقية حول اي من قضايا الخلاف العديدة‏,‏ تساعد علي تضييق شقة الخلاف بين الجانبين‏.‏
ولان معاهدة الحظر التي خرجت الي الوجود عام‏1960‏ تسمح لاعضائها طبقا لمادتها الرابعة بعملية انتاج وقود منخفض التخصيب يصلح لتشغيل محطات الكهرباء النووية‏,‏ تخشي الولايات المتحدة والدول النووية الخمس ان يؤدي اتساع نطاق استخدام هذا الحق في ظل تطورات عملية انتاج الوقود النووي الي زيادة فرص انتشار برامج عسكرية نووية‏,‏ كما حدث في اسرائيل والهند وباكستان وكوريا الشمالية‏,‏ الدول الاربع التي تمكنت من تصنيع اسلحة نووية خارج اطار اتفاقية الحظر‏!‏
ولهذا السبب ينظر مؤتمر المراجعة في دورته الراهنة اقتراحا تسانده الدول النووية الكبري بتأميم عملية انتاج الوقود النووي‏,‏ بحيث تقتصر عمليات تخصيب وانتاج الوقود النووي علي مراكز عالمية محددة‏,‏ تقوم بإنتاج وتوزيع الوقود النووي علي الدول التي تملك محطات كهرباء نووية‏,‏ واعادة استرجاع الوقود المستعمل كي لا يتم استخدامه في صناعة البلوتونيوم‏..‏ وما من شك ان هذا الاقتراح يقلص فرص صناعة السلاح النووي‏,‏ لكنه ينطوي من وجهة نظر بعض الدول علي نوع من الحظر المعرفي بدورة انتاج الوقود النووي‏,‏ ويثير مخاوف عديدة من ان تصبح السيطرة علي توزيع الوقود النووي إحدي ادوات الضغط السياسي علي الشعوب والامم‏.‏


الاهرام الأثنين 26 من جمادى الاولى 1431 هــ 10 مايو 2010 السنة 134 العدد 45080