العقيد وولده سيف‏!‏

تبخرت الجماهيرية الليبية العظمي في مهب انتفاضة الشعب الليبي التي عمت البلاد من بنغازي الي طرابلس في غضون ستة ايام‏,‏ رغم الاسراف المخيف في استخدام القوة ضد المتظاهرين بصورة فاقت كل ممارسات الانظمة العربية ضد تظاهرات الاحتجاج‏,‏ إلي حد استخدام الرشاشات الثقيلة وطائرات الهليكوبتر‏,‏ وزاد من سوء الموقف تصريحات ولد العقيد سيف الاسلام الذي أعلن ان نظام الحكم سوف يحارب إلي آخر رجل واخر طلقة‏,‏ وان سقوط العقيد يعني حربا أهلية تدمر كل مقدرات ليبيا‏,‏ لأن ليبيا تختلف في تركيبها الاجتماعي عن مصر وتونس تقوم علي حكم القبائل الموالية للعقيد‏,‏ لكن الواضح من مجريات الاحداث ان غالبية القبائل تقف إلي جوار الثورة الشعبية‏,‏ وان الحرب الاهلية لن تقع باذن الله وان ليبيا ربما تكون الدولة العربية الثالثة التي يسقط فيها نظام الحكم تحت وطأة ثورة شعبية تعم العالم العربي تهدر بغضب شبابا كالورد يطالب بتحديث الحكم‏,‏ يكاد يكون شعاره الأهم في كل مواقع الثورة اقامة دولة مدنية ديمقراطية يتم فيها تبادل السلطة عبر صناديق الانتخاب‏,‏ واذا كانت الدول الغربية قد سارعت بسحب العاملين في شركات البترول فان الأمر لن يطول كثيرا لأن اوروبا لا تستطيع ان تستغني عن‏2‏ مليون برميل من أجود انواع البترول تتدفق يوميا من الحقول الليبية إلي وسط أوروبا‏.‏
لقد جر النظام الليبي كثيرا من المتاعب علي مصر علي امتداد الاربعين عاما الماضية‏,‏ رغم محاولات ملاينته وترويضه علي امل حصار مخاطره ومفاجآته‏,‏ لأن ليبيا دولة جار وشقيق‏,‏ كما ان هناك عددا ضخما من المصريين يعملون هناك‏,‏ كان النظام الليبي كثيرا ما يري في وجودهم عامل ضغط علي مصر‏..‏ وتأمل مصر في عهدها الجديد ان يلقي المصريون حسن المعاملة من الأشقاء الليبين سواء أثروا الرحيل أم بقي بعضهم في خدمة الشعب الليبي دون الزج بهم في صراعات داخلية لا شأن لهم بها في هذه الفترة الحرجة لأن المصريين الآن اكثر حساسية لكرامة مواطنيهم في الخارج‏,‏ وسوف يقابلون كل معاملة حسنة لمواطنيهم في أي بلد شقيق بأحسن منها‏,‏ لكنهم ضاقوا ذرعا بممارسات عديدة جرحت مشاعر المصريين دون مسوغ حقيقي في أكثر من مكان‏.‏


الأهرام الأربعاء 23 فبراير 2011 السنة 135 العدد 45369