من يعاقب إسرائيل‏!‏

ما حدث لقافلة الإغاثة التي تعرضت لعدوان إسرائيل البشع في المياه الدولية هو أحط صور إرهاب الدولة‏,‏ وأكثرها اجتراء علي حقوق الإنسان وقواعد الشرعية والقانون الدولي وشرائع الأديان‏,‏ وقيم المجتمع الإنساني‏,
‏ وهو بكل المعايير جريمة حرب ينبغي أن يحاسب عليها وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك‏,‏ الذي لايقل خسة عن حليفه بنيامين نيتانياهو وأن تلقي إسرائيل بسببها عقابا رادعا‏..‏ لكن من الذي يجرؤ ومن الذي يستطيع عقاب إسرائيل المشمولة بحصانة دولية خاصة‏,‏ تمكنها من أن تكون الدولة الوحيدة التي تملك سلاحا نوويا لايخضع لتفتيش الوكالة الدولية‏,‏ بينما يخضع للتفتيش‏189‏ دولة تشكل المجتمع الدولي‏.‏ وتمكنها من تدمير قطاع غزة‏,‏ المنازل والمزارع والمصانع والمصالح والدور‏,‏ في حرب وحشية غير متكافئة‏,‏ فإذا اجترأ المجتمع الدولي كي يستر ماء وجهه علي تشكيل لجنة تحقيق دولية‏,‏ اختار لرئاستها قصدا قاضيا يهوديا من جنوب إفريقيا معروفا بحسن سيرته‏,‏ فإن نتيجة التحقيق الوحيد هي تدمير سمعة القاضي بعد حملة شعواء واجباره علي الاختفاء‏,‏ أما تقريره فلم يعد يساوي الورق الذي كتب عليه‏,‏ وتمكنها من أن تدوس بالبلدوزر ناشطة أمريكية صغيرة السن دون العشرين عاما‏,‏ وقفت امام جرافة إسرائيلية لتمنع هدم بيت فلسطيني في مدينة نابلس‏,‏ فإذا بالبلدوزر يسحق الفتاة عمدا وليذهب الأمريكيون إلي الجحيم‏,‏ وتمكنها من أن تصفع نائب الرئيس الأمريكي بايدن امام الجميع لأن رئيسه اجترأ علي أن يطلب من إسرائيل تجميد بناء المستوطنات في الضفة‏,‏ ويمكنها من أن تستنسخ جوازات سفر مواطني عدد من الدول الأوروبية المهمة لكي يستخدمها الموساد الإسرائيلي في ارتكاب جرائمه دون أن تلقي أي عقاب‏.‏
وبرغم ان العدوان الإسرائيلي يزداد شراسة لايزال المجتمع الدولي عاجزا عن عقاب إسرائيل‏,‏ ولا أظن أنه سوف يستطيع بعد أن تمكنت إسرائيل من كسر إرادة الرئيس الأمريكي‏,‏ وإلزامه بأن يبتلع وعوده عندما طالب بضرورة وقف بناء المستوطنات قبل استئناف أي تفاوض فلسطيني ـ إسرائيلي‏,‏ وربما تستطيع إسرائيل أن تفلت من العقاب كما حدث في كل المرات السابقة‏,‏ لكن ما من شك أن الولايات المتحدة سوف تدفع بالضرورة ثمن فواتير إسرائيل التي كشفت قبح السياسة الأمريكية وهوانها علي نفسها وقبولها البائس تدمير مصداقيتها‏.‏
وأظن أن رفع الحصار عن غزة‏,‏ وفتح معابر رفح علي مدي أيام الأسبوع بدلا من يومين فقط هو الخطوة الصحيحة التي ينبغي أن تأخذها مصر‏,‏ كي لاتكون جزءا من لعبة دولية غير عادلة‏,‏ تكيل بأكثر من مكيال‏,‏ وتصمت ساعة الجد‏,‏ وتعجز عن رد العدوان‏.‏

الأهرام الأربعاء 19من جمادى الاخرة 1431 هـ 2 يونيو 2010 السنة 134 العدد 45103