إسرائيل‏..‏ والعسكر الأتراك‏!‏

يتقلب الاسرائيليون غيظا لخسارتهم الاستراتيجية الفادحة في علاقتهم مع تركيا‏,‏ التي تحولت من دولة صديقة وحليف الي عدو محتمل‏,‏
تري في سياسات اسرائيل في الشرق الاوسط تهديدا للأمن التركي يستوجب وضعه في الحسبان‏..‏ واكثر ما يغيظ الاسرائيليين انهم كانوا يعولون كثيرا علي علاقاتهم الكثيفة بالعسكرية التركية وقدرة الجنرالات الاتراك علي حصار حكومة حزب العدالة والتنمية وإكراهها علي تغيير سياساتها بدعوي انها تناهض تراث العلمانية التي اصبحت نهجا للحكم منذ قيام ثورة كمال مصطفي اتاتورك يحرسه الجيش التركي‏,‏ لكن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن بعد ان تغيرت الاحوال في تركيا ولم يعد من حق العسكر التدخل في الشأن السياسي‏!.‏ نجح حزب العدالة والتنمية في تحقيق إنجازات اقتصادية مؤثرة ضاعفت دخول الاتراك ونقلت تركيا الي المرتبة السادسة ضمن دول الاتحاد الاوروبي لقدرتها المتصاعدة علي تحقيق معدلات تنمية عالية وتطوير صناعات مهمة واساسية غيرت هيكل الاقتصاد التركي‏,‏ وعلي ارضية هذا الإنجاز الاقتصادي تضاعفت شعبية حزب العدالة والتنمية ورسخت جذوره في الشارع التركي‏,‏ وضعفت قدرة المؤسسة العسكرية علي التدخل في الشأن الداخلي‏,‏ وعندما حاول بعض العسكريين الاتراك إعادة العجلة الي الوراء‏,‏ والتخطيط لانقلاب عسكري علي حكومة رجب طيب اردوغان‏,‏ أصرت الحكومة التركية علي محاكمة الجنرالات المتورطين في محاولة الانقلاب العسكري‏60‏ ضابطا ـ وعلي رأسهم قائدا البحرية والطيران اللذان كانا اكثر الجنرالات الاتراك ارتباطا باسرائيل‏.‏ ولان اسرائيل تعرف ان ما حدث يمثل تطورا استراتيجيا يصعب العودة عنه بعد ان تقلصت فرص العسكر الأتراك في السيطرة علي الشأن الداخلي‏,‏ تحاول تعويض خسارتها الفادحة من خلال تعزيز علاقاتها الامنية والعسكرية مع اليونان‏,‏ التي سمحت اخيرا بفتح مجالها الجوي لتدريبات سلاح الجو الاسرائيلي‏,‏ ومن خلال مضاعفة تعاونها مع حلف الناتو كي تسد فرص تركيا في التأثير علي قرارات الحلف‏.‏ كما تسعي الي تشويه صورة الحكومة التركية ضمن دول الاتحاد الاوروبي واتهامها بانها ضالعة في تهريب الاسلحة الي حزب الله‏,‏ وفي تعزيز قوة حماس وتشجيع المعسكر الرافض لعملية السلام‏.‏

الأهرام الخميس 11 نوفمبر 2010 السنة 135 العدد 45265