لماذا المالكي؟‏!‏

الإيرانيون يفضلون نوري المالكي رئيسا لوزراء العراق لفترة ثانية‏,‏ ويرون أنه يهيئ فرصة مناسبة لقيادة العراق في هذه الظروف الحساسة‏,‏ والأمريكيون يريدون المالكي رغم استيائهم البالغ من تحالفه الأخير مع خصمهم اللدود الزعيم الشاب مقتدي الصدر‏,‏

وقد حاولوا الترويج لقبول المالكي بين الكتل العراقية المختلفة وإن كانوا يريدون حكومة توافق وطني‏,‏ تضم القوي السياسية الأربع التي حققت نجاحا في انتخابات مجلس النواب الأخيرة قبل سبعة أشهر‏,‏ تحالف دولة القانون بقيادة المالكي‏79‏ مقعدا‏,‏ القائمة العراقية بقيادة إياد علاوي‏81‏ مقعدا التحالف الوطني العراقي بقيادة عمار الحكيم‏70‏ مقعدا‏,‏ التكتل الكردي‏57‏ مقعدا‏.‏
ومن أول الراغبين في الإبقاء علي المالكي رئيسا للوزراء أيضا الزعيم الشيعي الشاب مقتدي الصدر‏,‏ الذي دخل في مواجهة عنيفة مع المالكي خلال فترة حكومته الأخيرة‏,‏ دفعت المالكي إلي محاربة ميليشيات الصدر وإلقاء القبض علي المئات من أفرادها‏,‏ لكنه أفرج عنهم أخيرا في إطار صفقة سياسية تمت مع مقتدي الصدر‏,‏ وربما لا يخفي تكتل الأكراد رغبته في أن يبقي المالكي رئيسا للوزراء‏,‏ لأنه كان أكثر ساسة العراق سخاء في وعوده لهم بالعمل علي أن تكون كركوك أهم مدن الشمال العراقي عاصمة لهم‏!..,‏ فأي قدرات مهمة يتميز بها نوري المالكي تدفع كل هؤلاء الفرقاء برغم تناقضاتهم العديدة للموافقة علي أن يكون رئيسا للوزراء‏,‏ رغم أن تحالفه لم يحصل سوي علي‏79‏ مقعدا‏,‏ ورغم أنه ليس موضع إجماع طائفته الشيعية‏,‏ ورغم أن عرب العراق لا يتحمسون له ولا يعتبرونه صديقا‏,‏ لأنه تقاعس عن تحقيق مصالحة وطنية حقيقية عندما كان يملك القدرة علي إنجاز هذا الهدف‏!.‏
وربما يتمتع المالكي بالقدرة الواضحة علي الحسم واتخاذ القرار‏,‏ كما أنه يملك تجربة مهمة في الحكم أدت إلي انخفاض معدلات العنف التي عاودت الصعود الآن مرة أخري‏,‏ لكن مشكلة المالكي الأساسية أنه يحب تركيز السلطة في يده‏!.‏
وبرغم تزايد فرص المالكي‏,‏ فإنه لن يتمكن من تشكيل تحالف حاكم يستبعد منه القائمة العراقية بقيادة إياد علاوي‏,‏ رغم أنه يحب ذلك ويريده‏,‏ لكن الريح تأتي بما لاتشتهي السفن‏,‏ لأن وجود القائمة العراقية هو الذي سوف يعطي حكومة المالكي دلالة كونها حكومة وحدة وطنية‏,‏ وأظن أنه سوف يرضخ في النهاية لضغوط أطراف عديدة‏,‏ تري أن من مصلحة العراق أن يتقاسم رئيس وزراء العراق بعض سلطاته الواسعة مع إياد علاوي الذي يرشحه الجميع مسئولا عن الملف الأمني في العراق‏.‏

الأهرام الأربعاء 20 اكتوبر 2010 السنة 135 العدد 45243