بعد تشكيل حكومة العراق

أخيرا حدثت الولادة العسيرة بعد طول تعثر ، وأصبح للعراقيين حكومة منتخبة بعد أكثر من ثمانية أشهر من إعلان نتائج الانتخابات البرلمانية ، قضاها السياسيون العراقيون فى صراعات ومساومات استنفدت جهود القوى السياسية الأربع ( تحالف القانون ، والقائمة العراقية ، والإئتلاف الوطنى الشيعى والأكراد ) التى كان يمكن أن تصل إلى هذه الصيغة فى وقت مبكر ، لولا إصرار كل فريق على مواقفه والتمسك بكل مطالبه ، ورفضه تقديم أية تنازلات تجعل من حكم العراق شراكة حقيقية بين قواه السياسية ، تتجاوز القسمة الطائفية بين السنة والشيعة التى أهلكت العراق ، والقسمة العرقية بين العرب والأكراد التى كادت تؤدى الى إنفصال الشمال !، وتتجاوز ضغوط الإيرانيين والأمريكيين الذى عطل صراعهما أمد التفاوض بين الكتل العراقية المتصارعه لفترة طويلة ، إستثمرها تنظيم القاعدة كى يعيد العنف فى العراق إلى سابق عهده وبصورة أشد بغضا ، عندما إستهدفت جماعات الإرهاب المسيحيين العراقيين فى جريمتين بشعتين تتسمان بالخسة والجبن 0
ولأن تشكيل الحكومة الجديدة يرتبط بتقليص بعض من إختصاصات وسلطات رئيس الوزراء نورى المالكى لصالح مجلس جديد للأمن القومى والعلاقات الخارجية يشرف على مسئولياته التنفيذية القائمة العراقية بقيادة إياد علاوى ، وهو أمر يشق تنفيذه على نورى المالكى الذى أدمن ممارسة السلطة المنفردة ، كما أنه سوف يكون بالضرورة موضع تمسك صلب من جانب أياد علاوى الذى يعتقد أن تحالفه هو الأحق بمنصب رئيس الوزراء ، فربما يحسن التمسك بالحذر إلى أن يتم تحديد مسئوليات أطراف التحالف داخل الحكومة الجديدة على نحو أكثر دقة ووضوحا ، لأن الخلافات حول هذه التفاصيل يمكن أن تزيد الوضع تعقيدا 0
ومع أن الكتل الأربع التى فازت فى الإنتخابات البرلمانية ممثلة داخل الحكومة على نحو متوازن ، إلا أن غياب برنامج وطنى واضح يتفق عليه كل الفرقاء ، يحدد توجه الحكومة الجديدة إزاء مشكلات توزيع عائدات النفط على الولايات العراقية ، ويوازن بين ميزات الحكم الذاتى ومخاطر غياب حكم مركزى قوى يحفظ للعراق وحدته ، ويضمن التعايش الآمن بين الأكراد والعرب فى شمال العراق ، لا يزال يمثل أخطر المشاكل التى تواجه الحكومة الجديدة □

الأهرام الأربعاء 17 نوفمبر 2010 السنة 135 العدد 45271