نهاية سعيدة للضبعة

لا أشك البتة في أن المصريين هم الذين خرجوا فائزين في هذه القضية الخلافية التي شغلت مصر لأكثر من عامين حول مصير موقع الضبعة‏,‏ وهل يظل‏,‏ كما تم تخطيطه منذ أربعة عقود ـ
وبعد العديد من الدراسات التي شارك فيها خبراء عالميون ـ الموقع المختار لبناء أول محطة نووية في مصر؟‏!‏ أم تنجح ضغوط بعض رجال الأعمال في اقتناصه من دائرة النفع العام وتحويله إلي دائرة النفع الخاص‏,‏ بحجة أن إقامة المحطة النووية في الضبعة سوف تقضي علي فرصة بديلة أكثر نفعا وجدوي من مجرد محطة لتوليد الطاقة يمكن بناؤها في أي مكان آخر‏,‏ تتمثل في مشروع سياحي عملاق سوف يزيد حجم الكتل الخرسانية علي طول الساحل الشمالي‏,‏ لكنه يخلق فرص عمل جديدة تستوعب عشرات الآلاف من المصريين‏.‏
ولا أظن أن حكومة د‏.‏ نظيف قد أخطأت حين سمحت بنقاش هذه القضية الخلافية في وضح النهار وعلي نطاق واسع‏,‏ وتمسكت بموقف الحياد انتظارا لتقارير مكتب خبرة عالمي أوكلت إليه إعادة دراسة القضية‏,‏ والتزمت بحق رجال الأعمال في أن يعبروا عن آرائهم وأفكارهم في مجتمع يعتمد في تنميته الآن علي المشروع الخاص ويفتح أمامه فرصة المشاركة دون سقف أو حدود‏.‏
ومع أن رجال الأعمال في دراساتهم المقارنة للجدوي الاقتصادية للمشروعين بخسوا حق المحطة النووية‏,‏ عندما اعتبروا الضبعة مجرد محطة توليد للكهرباء يمكن حساب أرباحها وخسائرها بالأرقام‏,‏ وليست مشروعا قوميا ضخما يستنهض همة المصريين ويستهدف إدخال التكنولوجيا النووية إلي مصر من بابها الصحيح‏,‏ لكنهم خسروا معركة الرأي العام أمام مجموعة من المثقفين وأساتذة الجامعات وخبراء معركة الضبعة بإعتبارها حلم مصر النووي الذي تأخر كثيرا‏,‏ واعتبروا خروج المشروع من الضبعة يعني إعلان شهادة وفاة العلم النووي المصري‏,‏ لأن اختيار بديل للموقع‏,‏ وإعادة تجهيزه كما جري في الضبعة سوف يستغرق عشرات السنين‏,‏ بينما الضرورات تلزم مصر بضرورة التوجه في أسرع وقت لبناء محطات نووية لتواضع حجم مخزونها من البترول والغاز الذي يكاد يكفي‏30‏ عاما علي الأكثر‏.‏
ولو أن التقارير الفنية الأخيرة التي صدرت عن بيت خبرة عالمي انحازت إلي وجهة نظر رجال الأعمال‏,‏ ووجدت في موقع النجيلة بديلا يصلح لبناء محطة نووية عوضا عن موقع الضبعة فربما ساء أكثر من ذلك موقف رجال الأعمال في حساب الرأي العام المصري‏,‏ لأنه كان سيضعهم في موقع الصدام مع حلم جماهيري كبير‏,‏ كان يحسن لو تعاطفوا معه منذ البداية بدلا من الإصرار علي تحطيمه‏.‏


الاهرام الثلاثاء 2 من ربيع أول 1431 هـ 16 فبراير 2010 السنة 135 العدد 44997