حصار إسرائيل النووية‏!‏

اقترب مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏,‏ الذي طال انعقاده في مقر الامم المتحدة في نيويورك لشهر كامل من نهايته دون ان يلوح في الافق ما يشير الي امكانية ان يتوافق المؤتمر علي حل واضح لمشكلة إخلاء منطقة الشرق الاوسط من اسلحة الدمار الشامل‏ .
حيث تصر مصر ومعها كل الاشقاء العرب علي ان تخضع اسرائيل منشآتها النووية لرقابة وتفتيش الوكالة الدولية للطاقة شأنها شأن باقي الدول‏,‏ويبدأ المجتمع الدولي في اتخاذ الخطوات التنفيذية لاخلاء الشرق الاوسط من الاسلحة النووية دون انتظار جهود التسوية الشاملة للصراع العربي ـ الاسرائيلي في اطار خطة يحكمها جدول زمني يبدأ تنفيذها فورا‏,‏ علي حين تساند الولايات المتحدة الموقف الاسرائيلي الذي يرفض اي حديث او اجراء يتعلق بالقدرة النووية الاسرائيلية قبل ان يتم حل كل اوجه الصراع العربي الاسرائيلي‏,‏ ولا يزال يتمسك بسياسة الغموض التي ترفض الاعتراف بوجود سلاح نووي اسرائيلي‏,‏ رغم ان العالم كله يعرف الآن ان الترسانة النووية الاسرائيلية تحو اكثر من‏200‏ قنبلة نووية‏!‏
وبرغم ان الاسرائيليين أعادوا قبل فترة اعتقال مردخاي فنانوالفني الاسرائيلي الذي كان يعمل في مفاعل ديمونة بالنقب‏,‏ وكشف قبل عدة سنوات بالحقائق والصور وجود ترسانة نووية اسرائيلية‏,‏ عندما نشر تقاريره الشهيرة في صحيفة الجارديان البريطانية‏,‏ خوفا من ان يعاود الحديث عن قدرة اسرائيل النووية خلال انعقاد مؤتمر المراجعة ويزيد من حرج موقف اسرائيل‏,‏ كشف مؤرخ امريكي قبل عدة ايام من خلال عدد من الوثائق الرسمية التي أذاعتها اخيرا حكومة جنوب افريقيا ان اسرائيل سعت الي ان تبيع في فترة الثمانينيات ثلاثة انماط من الاسلحة النووية‏.‏ لكن الصفقة التي كان يساندها شيمون بيريز وزير الدفاع يومها لم تتم لمغالاة اسرائيل في السعر‏,‏ الامرالذي احال سياسة الغموض الاسرائيلي الي مجرد نكتة سخيفة يستحيل ان يصدقها احد في العالم‏.‏
وبرغم جهود الوساطة الامريكية لابقاءالوضععلي ما هو عليه لاتزال مصر تصر علي موقفها من ضرورة البدء فورا في اخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية بما يسمح بمقايضة الملف النووي الايراني بالملف النووي الاسرائيلي‏,‏ والزام اسرائيل التوقيع علي معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية‏,‏ وبسبب تباعد المواقف‏,‏ثمة احتمال قوي في ان يفشل مؤتمر المراجعة الذي ينعقد مرة كل خمس سنوات‏,‏ كما فشل المؤتمر السابق الذي انعقد عام‏2005,‏ خاصة ان المؤتمر يأخذ قراراته بالاجماع كما ان غالبية دول المؤتمر ترفض تفرد اسرائيل بعدم إخضاع منشآتها النووية لرقابة الوكالة الدولية‏,‏ ويعني فشل المؤتمر إخفاق جهود واشنطن في الزام المؤتمر مساندة فرض عقوبات جديدة علي ايران‏,‏ ومع ذلك فإن اسرائيل هي الطرف الخاسر في كل الاحوال لان برنامجها النووي أصبح في بؤرة الضوء يستحيل السكوت عنه تحت شعار الغموض البناء الذي يعرف الجميع الآن انه مجرد كذبة كبري بات من المستحيل تصديقها‏.‏

الاهرام الأحد 16 من جمادى الاخرة 1431 هـ 30 مايو 2010 السنة 134 العدد 45100