ماذا بعد ضغوط أوباما؟‏!‏

ثمة ما يشير إلي أن الرباعية الدولية ربما تكون علي استعداد لأن تلبي طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس
وتعطيه الضوء الاخضر كي يبدأ مباحثاته المباشرة مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتانياهو‏,‏ كما حصل علي الضوء الاخضر من لجنة المتابعة العربية‏,‏ خاصة مع تزايد ضغوط الأمريكيين علي الرئيس الفلسطيني بدعوي ان المباحثات المباشرة هي التي سوف تكشف مدي صدق نيات رئيس الوزراء الاسرائيلي في انجاز تسوية سلمية تقوم علي حل الدولتين‏,‏ وأن من مسئولية الرئيس الفلسطيني أن يسد طريق الهرب علي رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي ربما يجد في امتناع محمود عباس مسوغا كافيا لاستئناف بناء المستوطنات في الضفة بعد نهاية المهلة الزمنية التي تحددت بنهاية سبتمبر القادم‏,‏ علي حين سوف يجد رئيس الوزراء الاسرائيلي نفسه مرغما علي تجديد هذه المهلة اذا جلس الجانبان الي مائدة التفاوض‏.‏
وربما يدخل في حساب الرئيس الفلسطيني انه ربما يكون من الحماقة أن يخذل الرئيس الأمريكي أوباما الذي لايزال يصر علي أن يلعب دورا أكثر توازنا في الصراع العربي الاسرائيلي‏,‏ برغم رضوخه لمطالب بنيامين نيتانياهو وتخليه عن مطلبه الصحيح بضرورة تجميد كل صور الاستيطان الاسرائيلي في الضفة والقدس الشرقية بعد ان وجد نفسه وحيدا في مواجهة غضب اليهود الأمريكيين يفتقد مساندة الاعلام الأمريكي الذي يظاهر اسرائيل علي طول الخط‏,‏ ولكن محمود عباس يعلم يقينا ان المباحثات المباشرة هي اختباره الاخير‏,‏ وان عودته منها بخفي حنين سوف تؤدي الي مضاعفات خطيرة تتجاوز شخصه الي مصير السلطة الوطنية الفلسطينية التي سوف تزداد ضعفا وانقساما‏.‏
وأظن أن موقف الرئيس الأمريكي أوباما لن يختلف كثيرا عن موقف الرئيس الفلسطيني‏,‏ لأن فشل المفاوضات المباشرة سوف يرتب آثارا ضخمة ربما تعصف باستقرار الشرق الأوسط وتضع النظم العربية المعتدلة في وضع بالغ الحرج‏,‏ وتؤدي الي تشجيع قوي التطرف‏,‏ وتعمق من جديد أزمة الثقة بين العالم العربي والولايات المتحدة‏.‏
ومايزيد من مخاطر هذا الاحتمال أن أوباما يمارس ضغوطه علي محمود عباس كي يذهب للتفاوض المباشر دون أن يكون علي يقين كامل من جدية بنيامين نيتانياهو ورغبته في تسوية المشكلة الفلسطينية‏,‏ أو أن ائتلافه الحاكم سوف يسمح له بقبول تسوية من هذا النوع تخاطب بصورة جادة مشكلات الحل النهائي التي تتمثل في قضايا القدس والمستوطنات والمياه والحدود واللاجئين‏,‏ وجميعها موضع رفض شبه كامل من معظم أطراف حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف‏.‏

الاهرام الأربعاء 18 اغسطس 2010 السنة 135 العدد 45180